أيام قلائل وسنستقبل ضيفاً عزيزاً غائباً لا يقبل إلينا إلا مرة في العام. وما أحوجنا إلى أن يكون ضيفاً دائماً. في البقاء بيننا.
إنه شهر رمضان الكريم الذي يقرع علينا الأبواب بمفاتيح الخير والعطاء.. ليبعث لنا رسالة الصلاح والنجاح، وطريق الفلاح. ويرشدنا إلى الصيام والقيام. وأداء الطاعة بأكمل وجه دون نقصان.
يدخل رمضان هذا العام بنوع من الاشتياق، والراحة الروحية كعادته في كل سابق وقادم الأعوام. متلمساً الهداية. والطاعة الفذة. والتقرب إلى الله والتضرع له غير سواه.
لقد قصرنا كثيراً في حق الله, في أمور كثيرة بلا شك, مع تراكم المشاكل والعراقيل التي تواجهنا والخلو الذي يفقدنا التفكير في مخلوقات الله واللجوء إلى أمور غير محكمة. مع اني على يقين تام بان الأحداث العاصفة التي عصفت علينا من كل جانب سببها البعد عن الله وعدم تحكيم شرعه والزج بكتابه نحو النهاية وإظهار الأحكام التعسفية الباطلة والغربية أمام الناس.
مَن منا في هذا الشهر الفضيل سيخلد إلى الطاعة ويدع السياسة ويميل إلى كهوف المساجد بدلاً من مقرات واستراحات ومقاهي ويرتل آيات القرآن خيراً من شر سماع المطربات ويتمعن في صناعة الكون فضلاً عن عشق الهوى وغيره.
ماذا لو فعلنا ذلك وما هو اكثر خيراً في شهر التوبة والغفران.. وأيقنا أن لا ملاذ ولا توفيق إلا لخضعنا لطاعة الله وتلذذنا بشهية الصيام والقيام وقراءة القران فضلاً عن كل الموبقات. ومشاهدة المحرمات ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي والانخراط في التحليلات وتبادل الآراء.
ما أحوجنا نحن كمقصرين في طاعة الله إلى مثل هذه اللحظات. لنجدد إيماننا ونطهر ذنوبنا، ونغسل أحقادنا وكراهيتنا ونستأصل سيئاتنا ونرتدي ثياب الطهارة ونعطر أجسامنا برياحين الطاعة.
ماذا لو تداركنا الوقت باكراً فضلاً من الندم على ما فات وما فعلناه وتمسكنا بنهج الله وأدركنا أن إيمان الله هو الملجأ الوحيد للخروج إلى بر الأمان والاطمئنان؛ أتوقع بأن الخير سيعم أرجاء البلاد والعالم العربي والإسلامي ويزدوج براحة واطمئنان وتزيل كل أعباء المواطن وتتساقط أوراق الضعف واليأس.
إنه شهر رمضان المبارك الذي سنزيل فيه المعاصي والسيئات وسنغرق في شهوة التلذذ بذكر الخالق الرحمن. ونبحر في شاطئ قراءة القرآن "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ".
نعم سيدخل علينا شهر رمضان المبارك وعلينا أن نستقبله بنوع من الفرحة والسرور. ليس لأجل السهرات التي لا تخلو من أيامنا العادية. وأصبحت عادة عند الكثيرين وليس لأجل بعض المأكولات الشهية واللذيذة التي أصبحت تتواجد في الأيام العادية وليس لأجل امر أخر ذي طابع ممتع.. إنما لأجل الطاعة والهداية والرحمة والغفران لأجل الصيام والقيام لأجل أن نستسلم لأمر الله ونزيل من دروبنا الشوك والأخطاء.
فلنستقبله برح الهداية ولنقبله بسجدة شكر لله وننسى أننا في أي يوم آخر ونفكر أننا في أيام عظيمة، وفضائل كثيرة. لا بد أن نقوم بأشياء ننال بها الأجر والثواب والمغفرة الحسنة وبإذن الله سننعم بالخير وسيكون رب السماء قريباً منا دون أدنى شك في ذلك.. اللهم بلغنا رمضان وأعنا فيه على الصيام والقيام..
أهلاً بشهر التقى والجود والكرم **** شهر الصيام رفيع القدر في الأمم
أقبلت في حُــلة البهاء بها **** ومن ضيائك غابت بصمة الظلم
راكان عبدالباسط الجبيحي
رمضان..يا لهفة المشتاق!! 1241