عند تصفحك لصفحات التواصل الاجتماعي وقراءتك للصحف الإعلامية، ومتابعاتك لكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ستجد أن الجميع يزعمون أن ثورتنا من أجل اليمن ولليمن وللوحدة وللحرية والمساواة، وتطهير الشعب من الاستبداد والتخلف الحضاري، والطائفية المقيتة، والمناطقية الزائفة، والعنصرية الفردية، ومن أجل الكرامة للإنسان.
بيد أنك حين تلمس الواقع تعرف أن ما يسير على الأرض في ثوراتنا اليمنية المختلفة، خلاف ما نهتف به في مظاهراتنا ونتكلم به في اجتماعاتنا ولقاءاتنا ودواويننا ومقايلنا، وما نكتبه ونقوله في كل وسائل إعلامنا، وتسفك فيه دماؤنا، ستجد أن ثورتنا وجهودنا الجبارة لم تتعدَ تغيير الوجوه القائمة، التي أكثرت الفساد في البلاد، بوجوه قديمة أو مخفية عاشت وترعرعت في ظل تلك الأنظمة فالنتيجة لهم من قبل ومن بعد، من نفس فصيل من ثرنا عليهم، ويصبون في نفس المسيل ويسيرون بنفس طويل في نفس الطريق، ويمارسون نفس العمل، بل واشد فسادا منهم، لأنهم تربوا على مائدة النظام السابق وشربوا سياسة المجاملة للخارج، والتبعية لمن يضع لهم الجزرة والعصا، ولا يبالون بشعب ثار ولا بأمة تنشد حقها، تعالوا نتابع أحداث ثوراتنا الشعبية التي كان شعبنا وقود قيامها قدم فيه الدماء وانتهكت محارمه، فلما أشرف على النصر في كل ثورة من ثوراته، خرج سراقها من تحت عباءة من ثار الشعب عليهم، وتسلم الحكم فعاث في الأرض فسادا، قامت ثورة الشعب اليمني ثورة سبتمبر، فيا لله كم قدم الشعب من تضحيات وقطع الرؤوس بسيف (الوشاح) الذي كان يقتل قادة الثورة من العلماء والقضاة والسياسيين، ولم ينج منهم إلا القليل.
وكان الإمام يظهر من( روشن)-شرفة- قصره المطل على العرضي الذي يذبح فيه قادة الشعب الثائر، يتسلى بقطع الرؤوس وكأنه يتنفس هواء جديدا لحياته من دم المقتولين، ولما اشرف الشعب على النصر لملم حرسه وقادة جيشه والذين تربوا على مائدته جيشهم، واستلموا الحكم ومارسوا كل ما ثار فيه الشعب على الإمام بل واشد حيث جعلونا بين فكي متنازعين على السياسة في اليمن، من يدافع عن الملكية من بقايا أصحاب العروش الملكية، ومن يريدها جمهورية تابعة تحت برنيطة قادة ضباط الجيش، الداعون في تطبيل الإعلام للقومية العربية.
وهو فكر قومي منحرف أشرب مفاهيمه من الفكر اليساري المتخلف ووضعه نصار العرب بالتعاون مع السياسة اليسارية الغربية، الذي يتعارض مع ثوابت شعبنا اليمني، فقام أول رئيس باستبداد يقود ضباطه ويحمل برنيطته ويتبع ضباط انقلابيين في بلدان عربية أخرى، وينفذ ما يأمر به جيش الفكر القومي، وقام مخلفات الإمامة بتنفيذ سياسة مضادة للفكر القومي، وقامت حروب طويلة دفع فيه الشعب الثائر ثمنا غاليا للتخلص من مخلفات الإمامة و الجمهوريين بقيادة العسكر ومخلفات الإمامة من أسرة طائفية تزعم أن الشعب ملكها بصكوك من الله، وضل الصراع بين الطرفين وكلاهما تخرج من عباءة الإمامة الغاشمة، وانتصر العسكر وتصالحوا مع الفريق الآخر، وظلوا يتعاقبون على الإمامة العسكرية، تحت مسمى رئاسة الجمهورية من رئيس العسكر يسلم الحكم لخلفه العسكري وعند الاختلاف يحكمنا من قتل الآخر منهم، حتى كانت ثورة فبراير التي قامت لتخلصنا من بقايا عساكر الإمام، فتسلم ثورنا وانتصارها بقايا عساكر الاستعمار البريطاني الذي يقود الدفاع عنا اليوم وزير دفاع يخذل الثورة جهارا نهارا، مع مخلفات الإمامة التي تزحف نحو القضاء على الثورة بتضليلنا من وزير دفاع يثير كل يوم شكلنا حوله وتظهر حوله شائعات أنه ربما يستلم الرئاسة من الحوثيين كما استلمها السيسي من العلمانيين في مصر وهذا الوزير لا يعلم أن الإمامة في مذهب الحوثي يشترط فيها ثمانية عشر شرطا، ليس له منها إلا الذكورة، بعكس علماني مصر فهم رضوا بوزير الدفاع لأنهم لا بقاء لهم إلا بحماية جيش يقوده مستبد، فلذلك سلموا له في مصر القيادة..
د. عبد الله بجاش الحميري
ثورتنا لأجل من؟! 1240