اليمن.. النموذج الأغرب على الإطلاق.. التفرد في هذه البقعة من الأرض, أمرٌ يحير المهتمين بمصير هذه البلاد؛ تفرد في جوانب شتى.. حتى في ثورتها وتمردها وتحركها نحو التغيير, ثمة اختلاف..
اليمن- أرضاً وإنساناً- غدت أحجية ضائعٌ رمز حلها!.. اليمن- مكاناً- بموقعها الشمولي متفردة, موقع استراتيجي يحظى بأهمية بالغة لوجود ممر ملاحي وتجاري وعالمي فيها!..
التنوع التضاريسي, الموارد البشرية, الثروات المخبوءة المتنوعة, التكوين البشري المتسم بالفتوة, مجتمع شاب, متطلع, غير قانع.. كل شيء يؤكد أنها بلدة مؤهلة للنهوض, واللحاق السريع بركب الدول المتقدمة.. لكن ملامح التقدم في مسيرتها الحضارية المتأخرة باهتة, معماة, فلماذا؟!.
كل مفردات التقدم موجودة, وكل مفردات التخلف أيضاً موجودة في بلادنا.. النبوءات بنهوضها متواترة, والبشارات كثيرة, ومقومات صناعة مصير مختلف لليمن- أرضاً وإنساناً- ملك اليد.. لكن الذي يحدث على الساحة السياسية يهوي بالتوقعات الإيجابية لقاع سحيق من بؤر النزاع المفتعل, من تكتلات شتى, محدودة النظر تتقدم الركب..
انطلاقتها المتوثبة في السير نحو الغد الأفضل, مثار حولها غبار أسود كثيف, الرؤية غير واضحة, المستقبل القريب مجهول.. الحلقة المفقودة في عجلة التنمية المتعثرة في اليمن, بيد من؟.
من مميزات الشعب اليمني المتولدة في سماته المتطورة قدرته على تقبل الأفكار المستحدثة, وتبنيه لطفرات التكنولوجية الحديثة, شعب يحب أن يمتلك كل حديث يحسن مستوى عيشه..
وهو شعب كادح, حارث, عامل.. شعب السدود والمدرجات المدهشة !! وملتزم بمبدأ الوحدة, واللحمة, والتضامن رغم كل التمزق الذي يحدثه ويروج له أصحاب المصالح الضيقة, وكل ما يحدث على السطح, يبقى الإنسان اليمني الأصيل بالأعماق محباً لوطنه, ولأخيه اليمني, راغباً في الخيرية العامة للجميع!..
لابد من إعانة هذا الشعب الطيب لاستعادة لحمته الكاملة, و إزالة الغبار الذي غطى طريقه نحو التحضر, والتقدمية, وشوه معالمه..
نحتاج في هذه المرحلة المتسمة بالضبابية لرفع الروح المعنوية لأفراد الشعب من خلال وضع أهداف نهضوية عامة, يتبناها جميع أفرد الشعب, ويشاركون في صياغتها, ويعزمون كافتهم بالاستماتة على بلوغها؛ وجود أهداف تنموية كبرى للأمة, مُجمع عليها سيذهب بالمشاريع الصغيرة وأصحابها للفناء, والزوال..
المسئولية تجاه رفعة الوطن مقسمة بين القيادة والشعب؛ غير أن هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها اليمن بحاجة لجهود مضاعفة من قبل القيادة ليحدث تيار متبادل من منح الثقة بين الطرفين, وتعد الثقة المتبادلة بين القيادة والشعب, من أهم أسباب رفع الروح المعنوية للأفراد-كما يؤكد خبراء السلوك للرأي العام.
اليمن في عيون الخبراء التنمويين, ونظريات بناء الدولة؛ بلدة ناهضة, قوية , ذات مستقبل مبشر.. ماذا لو استشعر الجميع روح هذه النبوءات, والتزموا بها منهجاً, وسلوكاً فاعلاً لبناء اليمن الجديد, الغني, المتنوع, الواسع..؟!.
اليمن خيراتها وفيرة وتكفي الجميع وتفيض, فقط توقفوا عن التنازع على السلطة, وتخلصوا من الرغبة الجامحة لدى القوى السياسية في البقاء على قمتها.. تشاركوا في البناء وتداولوا في السلطة؛ كي تتيحوا الفرصة لعجلة التنمية بالدوران.. ثقوا بقانون الوفرة وأن الكل سيحيى في بلدتنا الطيبة برفاهية وسعادة.. وذلك بعقلانية وصدق وإخلاص وتكاتف الجميع..
نبيلة الوليدي
الحلقة المفقودة..بيد من؟! 1215