إن الحياة الإنسانية على وجه الكرة الأرضية قائمة على أسس من المبادئ والقوانين والأعراف وتختلف طبيعة هذه الأسس من شعوب إلى أخرى, فلكل شعوب أسسه التي تنظم حياة المجتمع المنتمي إليه سواء علاقة الفرد بنفسه أو علاقته بالآخرين أو علاقة الشعب بحكومته والحقوق المتبادلة بينهم.
وتطبيق هذه الأسس من المبادئ والقوانين تختلف كذلك من أمة إلى أخرى, فكلما كان الفرد على قناعة بهذه المبادئ والقوانين كان العمل بها أكثر تطبيقا وكذلك عندما تكون ملزمة التطبيق من قبل القائمين عليها كالحكومة مثلا.
فنلاحظ مثلا مبادئ وقوانين الدول الأجنبية نجد أنها قائمة على لوائح وقوانين بشرية وأن تطبقها من قبل الملزمين بها أكثر من غيرهم من الشعوب الأخرى وذلك لعدة أسباب منها قناعة الفرد بأن هذه القوانين لمصلحته، وكذلك رقابة تطبيقها من قبل القائمين عليها، أيضأ عندما تطبق على الرئيس قبل المرؤوس تكتسب بذلك قوة في التطبيق لذلك حث الله تعالى أمة الإسلام بقوله (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم...)
ونحن هنا أمة الإسلام, أمة فوقية لأننا نستمد مبادئنا وقوانيننا من فوق السماء من قبل ربنا جل وعلا وليست من البشر كما في بقية الأمم..
وإذا كانت لدى أمة الإسلام دساتير ولوائح وقوانين بشرية فهي مستمدة من الكتاب والسنة والإجماع والعرف وكذلك المصلحة الغير متعارضة مع الدين الإسلامي.
أما مجال التطبيق لهذه القوانين عند أمة الإسلام فنجده أقل مما هو عليه في تلك الدول الأجنبية وبما أننا أمة الإسلام لم نحترم هذه المبادئ والتي أصدرها لنا مالك الأرض والسماء والكون بأكمله وألزمنا العمل بها قال تعالى (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها) وشدد الرقابة على تطبيقها قال تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) وأرسى مبدأ الثواب والعقاب فيها قال تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)..
ونستعجب نحن كثيرا من هذه الأمة التي ما احترمت القوانين الفوقية والتي هي من الخالق جل في علاه ولا انتابها الخوف من رقابته ووعيده والنار التي أعدها لمن تمسك بغيرها..
أما قوانينها الأرضية والتي تصدر من قبل حكامها فغالبية هذه الأمة لا تلقي لها بالاً وذلك بعكس الأمم من غيرها ولأسباب عدة أهمها:
-نسوا الله فأنساهم أنفسهم.
-نسيان الحاكم للبر فكيف يتذكره المحكوم.
-الرقابة شبه معدومة إلا على القلة القليلة.
-الجهل وإلا لما خالف الفرد قانوناً لمصلحته.
وأخيرا كلما تكلمنا عنه سابقاً يعود إلى مبدأ واحد إن وجد في الفرد المسلم أين كان موقعه حقق به السعادة في الدنيا والآخرة وهو مبدأ الضمير.. هذا المبدأ الذي نرى جنازته تشيع بازدياد عند غالبية البشر من أمة الإسلام ومن كان فيهم على قيد الحياة أصيب بوعكة صحية, فكل إنسان بداخله ضمير وله التحكم بحياة هذا الضمير أو موته وذلك بمجرد العودة إلى الضمير في كل معاملاته ولا يحتاج منه سوى همسة لضميره ويعود للحياة من جديد..
اللهم أيقظ كل ضمير مات واشف الضمائر العليلة واحفظ كل ضمير حي..
عبد الواحد العواضي
همسة ضمير! 1192