تأتي النوبة الكلوية على غير موعد، وتذهب فجأة دون وداع.. لكن آلاما لا توصف إذا جاءت وتمكنت، وحتى وقت قريب كانت الجراحة وشق البطن لاستئصال الحاسة الكلوية هي العلاج الوحيد.. أما الآن، ومع تقدم العلم فقد أصبحت العملية سهلة سريعة، وأصبحت النوبة الأولى هي الأخيرة.. فما الذي حدث؟.

الحصيات الكلويةـ وما أدراك ما الحصيات الكلوية ـ ذلك المرض الشائع الذي يسبب النوب( القولنجات) بآلامها القوية المبرحة، تبدأ من الخاصرة وتنزل على مسير الحالب، مسببة ألماً دونه كل ألم، يتزايد حتى يتمنى المصاب لو كان تراباً، ويترافق مع الغثيان والقي وينعكس إلى مناطق أخرى قريبة أو بعيدة، يبكي المريض ويصيح، ويتقلب في سريره وينطوي وينثني في وضعيات لا يستطيع الخيال أن يتصورها ولا القلم أن يصفها، ويضنى المريض، ويزيد الألم ويزيد، يخف بالدواء والمسكنات حينا، ثم يعود من جديد حتى يأذن الله بزواله، يأتي غير مدعو على غير موعد، ويذهب فجأة دون وداع، ولئن كانت النوبة الأولى أتت على غير ما موعد ولا سبيل إلى توقع حدوثها أو الوقاية منها، فإن طرق الوقاية من عودة تشكل حصاة جديدة غدت ممكنة، تطالعنا الأبحاث الطبية بالجديد عنها كل يوم.

ويقف الطب اليوم أمام التحدي، فلا يكفي استئصال الحصاة كما كان يتم في الماضي، بل لا بد من معرفة سبب تشكلها أولاً، ومنع تكرر حدوثها ثانية، ولمنع تكرار حدوث هذه الحصيات لا بد من دراسة مستفيضة وخطه محكمة، تبدأ أولاً بالحصول على قصة وتاريخ الحالة المرضية للمريض بشكل مفصل خصوصا فيما يتعلق بعادات التغذية كتناول الحليب ومشتقاته واللحوم والكبد والنخاعات التي تزيد من كمية حمض البوليك في الجسم والخضار والفواكه غير الناضجة التي تزيد من كمية الاوكسالات. ثم لا بد من الاستفسار عن السوابق المرضية العائلية كوجود حالات وراثية، ولا بد من السؤال عن الأدوية المتناولة.

تتشكل الحصيات بصورة رئيسية من الكلس وحمض البوليك والاوكسالات والنشادر والفوسفات وبالتالي فإن الوقاية منها يجب أن تتركز على هذه المواد.

ويذكرني ذلك الألم الذي عرفته أكثر من مرة, بنكتة قرأتها مرة عن صحفي سأل راقصة عمن علّمها الرقص، فقالت النوبة الكلوية!!

ونستبشر خيراً ونحن نقرأ في المجلات الطبية عن العمليات الحديثة في استخراج الحصاة، عمليات سهلة لا تقتضي كالسابق ـ شق البطن جرحاً يزيد على 20سم قليلا أو كثيرا، بل كل ما يتطلبه جرحا يسير ثم إدخال منظار إلى الكلية بعد تحديد موضعها وموضع الحصاة فيها بالأشعة والموجات فوق الصوتية، وتستخرج الحصاة ويخرج المريض من المستشفى بسرعة بعد أيام قليلة ويعود إلى منزله وعمله وكأن شيئاً لم يكن، وهناك بعض المستشفيات التخصصية الحديثة بدأت باستخدام أجهزة متطورة حديثة تعمل على تفتيت الحصوات الكلوية بالليزر دون إجراء عملية جراحية وذلك بمنتهى السهولة واليسر ولكنها باهظة التكاليف، ونقرأ عن المبادئ الجديدة أن النوبة الأولى يجب أن تكون النوبة الأخيرة وان الحصاة لا ينبغي لها أن تتشكل ثانية.

توصيات وقائية:

ثمة وصايا مهمة ينصح بها للوقاية من الحصيات الكلوية : ـ
1- أولها وأهمها هو شرب الماء بكثرة فالماء يغسل المجاري البولية غسلاً ميكانيكاً ويذيب الأملاح التي يمكن أن تترسب.

2ـ إتباع حمية مناسبة فمن كانت حصياته كلسية يجب عليه الامتناع عن الحليب ومشتقاته ومن كان في حصياته " اوكسالات" لا بد له من الامتناع عن تناول الخضار والفواكه غير الناضجة كالطماطم والسبانخ والخوف والكرز وكل ما يحوي هذه المادة وعدن تناول الفيتامينات دوائيا.

أما من كانت حصياته حمض البوليك فلا بدله من الامتناع عن تناول اللحوم الحمراء بكثرة، واستخدام مذيبات حمض البول وبعض المدرات الخاصة. ثم لا بد من الوقاية من التهابات المجاري البولية واستخدام المضادات الحيوية لمكافحة تلك الالتهابات كذلك يجب اللجوء إلى التمارين الرياضية الغير شاقة والتي تساعد في الوقاية من تشكل الحصيات ونتطلع بأمل إلى ما يعدنا به طب المستقبل من أن النوبة الأولى ينبغي أن تكون النوبة الأخيرة، وان الحصاة الأولى يجب أن تبقى الحصاة الوحيدة وان اقتضت الحصاة جراحة فالجراحة سهلة هينة.