منذ عقود طويلة واليمنيون يحلمون بالسيادة على أرضهم والاكتفاء الاقتصادي بدلاً من التسول والصدقات في الآخر على شكل هبات ومنح ومساعدات.
أمنيات وآمال تبددت وفرص كثيرة أهدرت وأموال بالمليارات ضاعت وفساد فاق كل أنواع الفساد العالمي. نتيجة لهذا وذاك خيبات على كل الأصعدة داخلياً وخارجياً فمنذ فترة وجيزة، حصدت اليمن المركز "16" على مستوى العالم في مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2013م التقرير صدر عن معهد "فريزر" للبحوث في كندا.
لقد تسببت حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني لليمن في زيادة تفاقم الأوضاع المعيشية حيث تقبع اليمن في ذيل قائمة التنمية البشرية المنخفضة.
الاقتصاد اليمني هو اقتصاد غير منظم حيث لم يحظِ ومنذ زمن طويل بأية معالجات جادة وحقيقية تسهم في تطويره وتقدمه خاصة في ظل تقدم عمليات التنمية تدهور اقتصادي مستمر خاصة في ظل تراجع إيرادات النفط الذي يعد المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني وكذا تراجع في الإيرادات الأخرى.
الأزمة الاقتصادية في اليمن طاحنة حيث تشمل ضعفاً في الموازنة العامة والبنية الاقتصادية والإنتاجية في البلاد بسبب تزايد أعباء البلاد ومصاريفها وإنفاق الحكومة، وضعف الموارد وغياب الاستقرار الأمني واستمرار تدهور الأوضاع التي تؤثر بصورة أساسية على الاقتصاد التي قادت إلى إحداث ضعف للقدرة الإنتاجية بشكل عام بما في ذلك القطاع الخاص، تفاقم حجم المعاناة الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة.
الانهيار الاقتصادي ناتج عن تراجع المؤشرات الاقتصادية في ظل ضعف النشاط الاستثماري وغياب الاستقرار الأمني والسياسي.
وهناك تراجع شامل في المؤشرات الاقتصادية من خلال استمرار الركود الاقتصادي وتدهور وضع ميزان المرفوعات وتجميد معظم البرامج الاستثمارية إضافة إلى زيادة عجز الموازنة وتفاقم الوضع الإنساني بسبب تدهور الأمن الغذائي وارتفاع مؤشرات سوء التغذية الأمر الذي اثر على أكثر من "13" مليون نسمة من السكان إلى جانب تصاعد معدلات البطالة والفقر خاصة في المناطق الريفية.
إن أسباب الانهيار تعود إلى المشاكل والتحديات التي تعاني منها البلد التي من أبرزها انخفاض الإيرادات النفطية، وهناك عدد من السلبيات القائمة في الوضع الاقتصادي في أبرزها عدم تجاوز معدل النمو الحقيقي المتوقع للناتج 3.5% في ظل تضخم مرتفع ونمو السكان بنسبة 3.7% الأمر الذي يثير المخاوف في زيادة التردي الاقتصادي..
غياب الاستقرار تسبب في تدني نمو الناتج المحلي وتوسيع نطاق التحديات الاقتصادية مثل محدودية فرص العمل الجديدة وتحديداً في القطاع الخاص مما يجعل نسبة البطالة المتوقعة عند مستوياتها المرتفعة إلى ما بين 35 و40% من قوة العمل خاصة في ظل ارتفاع معدل نمو عرض قوة العمل إلى نحو 4% كنتيجة حتمية لاستمرار الفقر.. هناك تراجع في النمو الاقتصادي وتوقف الأنشطة الاستثمارية الجديدة إضافة إلى تآكل الادخار على مستوى المجتمع والادخار القومي وتدهور المستوى المعيشي للمواطنين والدين العام بلغ نحو "17.4" مليار دولار نهاية عام2012م أي ما يعادل 58% من الناتج المحلي وعبء الدين العام وصل إلى 20% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة نهاية عام2012مقترباً من الوضع غير المستدام وفق المعايير الدولية والمحددة بنسبة 25% ويشمل الدين العام في حين سجل الدين الداخلي في نهاية عام2012م نحو "2" تريليون و"234" مليون ريال "10.3" مليار دولار والتوقعات أن يرتفع إلى "2" تريليون و"961" مليار ريال بنهاية عام2013م أي بزيادة كبيرة نسبتها 31% والفوائد السنوية على الدين تصل إلى "346" مليار ريال.
وسجلت مديونية اليمن الخارجية في نهاية يونيو 2013 "7" مليارات و"78" مليون دولار مرتفعة بنحو "93" مليون دولار.
وكان الدين الخارجي قد بلغ في نهاية عام2012م نحو "7" مليارات و"24" مليون دولار.. وهناك استمرار في تدني القدرة الاستيعابية للمنح والقروض الخارجية, حيث بلغ إجمالي ما سحب في تلك التمويلات خلال عام2012م وجميع القطاعات "496.3" مليون دولار بنسبة 12% من القروض والمنح المتاحة للسحب والبالغة "4114.9" مليون دولار. وحجم الاحتياطي النقدي الأجنبي "5" مليارات و"690" مليون دولار في يونيو 2013م بانخفاض بلغ "133" مليون دولار والحكومة توقعت أن يصل العجز في الموازنة العامة في نهاية 2013م إلى "620" مليار ريال.
هذا العجز سوف يزيد نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتتجاوز 61.9% عام 2013م وحصة الحكومة في إيرادات تصدير النفط والغاز انخفضت من صادرات النفط إلى "12" مليون برميل في النصف الأول في عام 2013م مقارنة مع " 16" مليون برميل في نفس الفترة من عام2012م وبلغ حجم الطلب على المنتجات النفطية "10.6" مليون برميل وعائدات الصادرات النفطية للنصف الأول من عام2013م بلغت "1.33" مليارات.
هــــــــــامش:
1ـ مجلة اليمن والخليج العدد "13" سبتمبر2013م
2ـ الحياة العدد "18452" 11/10/2013م
3ـ الحياة العدد "18459" 18/10/2013م
4ـ الحياة العدد "18467" 26/10/2013م
د.علي الفقيه
السيادة والاستقلال الاقتصادي المالي..حلمان لم يتحققا 1223