عندما تباشر الدولة بمؤسساتها قيادة البلد بنفس منهج من ثار عليه الشعب، أو أكثر ترهلاً وفساداً، هي بذلك تكون عوناً للخلايا النائمة من المليشيات المسلحة التي تتربص بالشعب الشرور، وتخدم أعداء الأمة، ونحن في اليمن اليوم نشاهد نشاط الخلايا النائمة سواء كانت حوثية رافضية أو قاعدة استخبارات عالمية، وإن سمت نفسها جهادية وخلايا المناطقية استيقظت بقوة كبيرة بسبب ممارسة الدولة بكل مؤسساتها الرئاسية ورئاسة الوزراء والسلطة التنفيذية إدارتها بكل أشكال أساليب النظام السابق, بل هي أشد فلم نلمس أي تغير على الواقع تخدم الشعب وتتلمس مشاكله وتنزل إليه لبيان حقيقة الواقع، حتى من لبس ثوب الثورة من أعضاء مجلس النواب بالله عليكم ماذا لمسنا منهم غير كلمات رنانة يخدعون بها المواطن كدعاية انتخابية ربما يمنون أنفسهم بالترشح إن تم مستقبلا وهو في المجلس ينفذون مطالب النظام السابق كما هو، والمخلص منهم ملقى على فراش المرض أو ترك المجلس أصلا وطبق ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)، أعضاء المؤتمر الوطني أعطوني منهم واحداً ممن لم يكن له وجود في النظام السابق، ولم يرتع في مزرعة الحصان، أو المزارع التي تسقى من مستنقعه، وبعض من تقلد الوزارات لم يلبسوا ثياب الثورة إلا من أجل مصالح لاتجاهات داخل النظام السابق فثيابهم ثورة، وأجسادهم تسير نحو ما دربوا عليه من خدمة الآخرين مقابل ما تملأ به جيوبهم، ومن ثم اتسعت دائرة المرتزقة للأخذ من جهتين أو جهات عدة، فصار الفساد فسادين، ونظر الشعب إلى دولة خلال عامين، فرأى أنها تزحف به للوراء لم يرَ تغييراَ في الواقع، بل اتسع الفساد وصار نفس وزراء النظام السابق هم وزراء ما بعد الثورة، فما الذي جناه الشعب من ثورة بذل فيه دماً غالياً في كل ميادينه، ومن هنا قعد الشعب يتفرج عما ترتكبه المليشيات المسلحة من دمار كانتقام منه من السلطة, فمثلا ما الفرق بين وزير الدفاع قبل الثورة وبعدها هو بشحمه ولحمه وبزته، وما الذي أخطأ فيه قبل الثورة وما الذي صححه بعدها، بل أصبح محلاً للتندر والاتهام له بضياع البلاد بسماعنا جعجعته ولم نرَ طحينه.
وهكذا قُل في الوزراء الآخرين ورئيس الدولة الذي يلزم الصمت حين يكون الكلام من ذهب، ويتحدث حين يكون الكلام من تراب, حيث فهم المثل بالمقلب، وقل مثل ذلك في مجلس النواب الذي أصابه الكبر ونخرت في عظامه الشيخوخة فأصبحوا في قراراتهم ( ويقضى الأمر حين تغيب تيم .) وصياحهم لا تتجاوز الكراسي التي يجلسون لأن الناس عرفوها أنها "غاغة" فقط، بل أكابرهم غارقون في الفساد ويدافعون عنه باستماتة، والخبر اليقين عند الشيخ البركاني، لقد افتقد الشعب في كل محافظة أداء إدارته المحلية وتلمس حاجاتها، وافتقد في نوابه صدق تمثيلهم له، وافتقد في الرئاسة قدرتها على إصدار قرار حاسم يحمي حقوق الشعب ومصالحه، وهل يكفينا ما يروجه الإعلام.. أصدر الرئيس للحكومة بقيامها بواجبها نحو المواطن، الحكومة لم تقم لفسادها فما الذي عمله الرئيس طول هذه الفترة؟، أما الحكومة فهي لم تغادر دائرة المحاصصة والمماحكة، كل يسعى لصالح من يتبعه والشعب لا يقيم لمصالحه ولا لثورته وزناً، ومن هذا المنطلق وجدت الخلايا النائمة للمليشيات الخائنة مرتعاً لتظهر فيه وتدمر ما تبقى من مظاهر الحياة، فالحوثية أصبحت نداً للدولة، والقاعدة الاستخباراتية لا تعرف إلا نقاط أبنائنا من رجال الأمن والقوات المسلحة الذين يُتركون من دون حماية ميدانية بتوفير متطلباتهم فتقتلهم، هذه المليشيات ومليشيات المناطقية كل يوم يتورم كرشها وربما تنفجر مراً على الدولة، التي لا نسمع لها وجوداً إلا في الإعلام ولا نرى لها تحركاً إلا أمام الشاشات وصندوق تقاسم المال العام تحت مسمى استلام المرتبات، ولم نلمس لها إبداعاً في تغيير الإدارة عما سلف، فهي شر خلف لفساد سلف..
عندما قام الرئيس الحمدي بحركة يونيو لم يصبح الصباح إلا ووجدنا التغيير في كل ميادين الحياة، ووجدنا انضباطاً في كل مؤسسات الدولة، ووجدنا الصحة عادت حياتها في فتحة عين، والقضاة توجهوا في محاكمهم وقلوبهم ترتجف وحلّوا كل الإشكالات، وتحرك رجال الأمن والمحافظون وكأنهم غيرهم بالأمس، اختلف الناس معه في أمور- ليس هذا وقت ذكرها- لكن اتفقوا معه في أشياء كثيرة، لهذا كل تقدم المليشيات المسلحة ضد الشعب والثورة سببها الدولة. فعلى ثوار فبراير أن ينقذوا ثورتهم، من دولة السيسي اليمني الذي تربع عليها مبكراً بمبادرة معروفة، ولا يتذرع احد بمبادرة الخليج، فقد تجاوزتم زمنها فلم تفعلوا شيئاً والمليشيات الخائنة داخل البلد يجب أن نقف جميعاً ضدها لأنها أشد وأطغى ولا نكون ممن يهرب من حر الشمس إلى النار.
د. عبد الله بجاش الحميري
الدولة سبب انتصار المليشيات المسلحة 1146