التحديات التي تواجه اليمن بنيوية وتتطلب تحقيق التنوع والتوازن في هيكل الناتج المحلي وتصحيح اختلالات سوق العمل وإصلاح الموازين العامة والسياسة النقدية وأدواتها وتوفير بيئة استثمارية جاذبة في الأوساط المحلية والدولية لديهم صورة قاتمة عن الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن.
وتشير البيانات إلى أن مشكلة الفقر وصلت إلى 54.4% من السكان الذين يقدر عددهم بنحو 25 مليون نسمة جراء الآثار السلبية الناجمة عن الأحداث والتداعيات التي شهدتها البلاد خلال عام 2011م. تنامي ظاهرة انعدام الأمن الغذائي خلال أعوام 2011 و2012 بلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي 44.5 وتقدر البطالة بنحو 36% نظرا إلى الأعداد الجديدة من القوى العاملة التي تدخل سنويا سوق العمل والتي يقدر نموها السنوي بنحو 4% وهو ما يؤدي إلى نسب بطالة أعلى خصوصا بين فئة الشباب التي تتجاوز 50% وهناك حوالي 13 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على مياه صالحة للشرب وصرف صحي و6.4 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية.
وفي بيانات جديدة أشارت إلى ارتفاع معدل البطالة بين الشباب ليصل إلى 52.9% وابرز مظاهرها بطالة خريجي الجامعات كما تظهر البيانات ارتفاع عدد المسجلين في الخدمة المدنية لغرض التوظيف سنة بعد أخرى؛ إذ ارتفع عددهم من 96.9 ألف مسجل في عام 2005 إلى 190.9 ألف مسجل في عام 2010 وعدد خريجي الجامعات المسجلين في وزارة الخدمة المدنية للتوظيف بلغ نحو 13.3 ألف عاطل عن العمل في العام 2010 بزيادة 60.4 ألف عام 2005 بنسبة114% كما بلغ معدل تراكم العاطلين من خريجي الجامعات نحو 3.3% في العام 2010 مقارنة بنحو 2.6 في عام 2005.
المنظمات الدولية تحذر من ارتفاع معدلات الفقر والجوع في اليمن حيث ما تزال تفرض وطأتها. وتشير تقديرات الغذاء العالمي إلى أن أكثر من 10 ملايين يمني أي ما نسبته46% من عدد السكان ليس لديهم القوت الكافي من الطعام. ومما يزيد من تفاقم الوضع ممارسة النخب في اليمن التي تنهمك في تحقيق ثروات شخصية وتستنزف موارد اليمن وترسل الأرباح المكتسبة بصورة غير مشروعة وبدون ضرائب إلى الخارج وغالبا ما تقف حجر عثرة أمام الإصلاحات الهيكلية للبلد الذي هو في أمسّ الحاجة لها.
إن الاقتصاد السياسي في اليمن يتمحور حول نخبة صغيرة من العسكريين والقبائل والطبقة السياسية والقطاع الخاص. ولقد كان نظام صالح القائم على المحسوبية مبنياً على العائدات من صادرات النفط واستغلال الاقتصاد الذي أصبح حراً. وهناك حوالي 10 أسر بارزة ومجموعات تجارية لديها علاقات وثيقة مع الرئيس تستحوذ على أكثر من 10% من أعمال الاستيراد والتصنيع والخدمات المصرفية والاتصالات ونقل البضائع. وبالرغم من الدعم الدولي وزيادة تدفقات الدعم فإن تحديد أولويات التنمية التي قلصت من مصداقية البيئة السياسية المحلية والعوامل البنيوية العالمية مثل تحرير حركة رؤوس الأموال الدولية كلها ظلت تقوض الجهود الرامية إلى إصلاح النظام السياسي وكذلك الاقتصاد في البلد.
يذكر هنا أن الدول المانحة تعهدت بمساعدات قيمتها8.1 مليار دولار لم يصرف منها سوى 1.8 مليار دولار.
ولعل الدافع وراء منافسة النخبة في اليمن هو هروب رأس المال حيث أن البلد يعد خامس اكبر مصدر عالمي لتدفقات رؤوس الأموال غير المشروعة ضمن البلد الأقل نمواً بين العامين 1990 و2008 في ظل خروج 12 مليار دولار من اليمن.
والآن تتضاءل تدفقات المعونة الدولية إلى اليمن جراء تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج في حين تعمل الملاذات الضريبية على تسهيل هروب رأس المال, فمقابل كل دولار انفق على المساعدات في اليمن بين عامي 1990و2008 كانت تخرج من البلد 2.70 دولار.
هامش:
1) الحياة العدد (18425) 14/9/2013
2) الحياة العدد (18432) 21/9/2013
3) الحياة العدد (18433) 22/9/2013
4) تقرير معهد تشائام(هوس)
د.علي الفقيه
تحديات اقتصادية صعبة تواجه اليمن 1465