التفاؤل منهج إسلامي دعا إليه الإسلام ونهى عن التشاؤم في تخيل الأحداث الكونية، بيد أني جراء قراءتي لوثيقة اتفاقية وقف إطلاق النار بين المليشيات الحوثية الرافضية الخارجة على الشعب وبين الشعب اليمني الذي يمثله دولة مختلة سياسيا وتفكيرا عقليا، تجعلني أتشاءم جدا بل أجزم أن الاتفاقية لصالح الحوثي، كاستراحة محارب أشرف على الموت من أجل أن يعيد لملمة مليشياته، وفتح الحصار التي ضرب عليه لمنع التوين عليه، حتى يستطيع توفير ما فقده من السلاح وتحصين مواقعه التي استولى عليها في عمران وهمدان وتبابها المطلة على مشارف صنعاء، وفرض هيمنة إرهابية على المواطنين الذين يقعون في تلك الجهات وتكليفهم بالقيام بخدمة مليشياته- رجالا ونساء- واعتقال وقتل من يظن أنهم لا يقبلون بجرائمه ولا يؤمنون بإمامة المجوسية الفارسية، وكل القرائن تدل على ذلك ومنها أن مبعوث الأمم المتحدة بن عمر المقيم بصنعاء لفرض وضع جديد على اليمن ضمن النظام العالمي الجديد التي عجزت الدول الاستعمارية على فرضه بالسياسة والمال، فأوكلت إلى المليشيات الشيعية الرافضية فرضه بالقوة، هذا المبعوث لا يطل برأسه إلا حين يشعر أن الحوثي على شرف هار من الانهيار والسقوط والهزيمة، وكأن المبعوث الدولي أو الأممي كما يحلو لمن يخدعونا به أن يسموه ،قد أصبح حارسا للحوثية، وحريصا على عدم سقوطها واستسلامها لحاجة في ملفات بن عمر لتنفيذها في اليمن من دول الإقليم ودول ما وراء البحار، حتى أن المتابع لتعامل بن عمر لكل تمرد داخل اليمن ليدرك أنه جاء ليحمي الجماعات الخارجة على الشعب بهدف تمزيقه، ومن أعظم حمايته ورعايته لجماعة الحوثي لم نسمع له ولا كلمة عن عدوان الحوثي حتى عرف غيرة الجيش اليمني على دينه ووطنه وقام بمنع حرب حوثية تمارس الإبادة الجماعية للشعب اليمني.
ومن هنا ضرب صفارته لإيقاف اللعب، ومنها: أن الاتفاقية لم تنص على تسليم الحوثي لمواقعه القتالية وتسليم كل أسلحته الثقيلة فيها، كخطوة أولى منه إلى تنفيذ مخرجات الحوار، ومنها أن الحوثي لم ينسحب من مواقعه في غير السجن المركزي في عمران، الذي أخلاه الحوثي أصلا من كل نزلائه المجرمين ثم سلمه للجنة الوساطة والذي خرقته مدافع الحوثيين من كل جهاته حتى تقوم الدولة بإعادة ترميمه، دون مجرميه الذين أخرجهم من السجن، الذين ربما ألحقهم بمليشياته، ومنها أن المحشاش والجميمة ومواقعه في همدان لم تصلها لجنة الوساطة لاستلامها، بل هي تشهد حتى هذه اللحظة حركة تشي باستعداد الحوثي لمواصلة الحرب، بعد أن فتحت له لجنة الوساطة الحصار وأخذ يتحرك بحرية تامة وفي حركة مكثفة دؤوبة يشاهدها كل من هو في الميدان وليس متابعا لشاشة التلفاز المضللة، وهو أمر مشاهد تماما لكل من يمر في هذه الأماكن، فاتفاقية الهدنة بكل بنودها صيغت لصالح كيان الحوثي وحمايته، وإفساح المجال له ليعد نفسه لجولة قادمة فهل جنح الحوثي للسلم ووضعت حربنا معه أوزارها؟ إذا صدقنا ذلك كنا ممن يلدغ من نفس الجحر مئات المرات وليس مرة واحدة.
ومن أعظم الأدلة على أن الحرب ستحمي وطيسها ولن تضع أوزارها تشكيل لجنة الوساطة التي خلا غالبها من المخلصين للشعب وركن فيها للرئيس الذي يتعامل مع الحرب بعيدا عن الكياسة، وسماع نصح الصادقين المخلصين، لجنة الوساطة كلفت ثلاثين مراقبا، تابعوا أين انتشروا في مواقع القتال، وما الذي استلموه من الحوثي ليتضح لشعبنا كم هو مخدوع بالاتفاقية وزمجرة الدولة لها، أين المختطفون من المعلمين والطلاب والعلماء والمواطنين والجنود من الجيش والأمن في الاتفاقية؟ وهل أنجز منها شيء, هل المواطنون من قرى ومديريات عمران حلت عنهم ما هم فيه من ضرب الإتاوات المالية وأخلي سبيلهم من الإذلال التي تمارسه ضدهم مليشيات الحوثي؟.
إنها كارثة يوم يكون قائد البيت يدل على بيته ويسير نحو تمكين عدوه من أسرته، ومنها تصريحات بعض رجال القوات المسلحة وقادة الكتائب أن المسألة تُحل سياسياُ, فهل هذه القيادات "حبترية أو سيسية" على الشعب اليمني، فعلى الشعب اليمني وقادة كتائب الجيش المخلصين، أن يستعدوا لجولة الحرب المجوسية التالية وهي آتية لا ريب فيها، فقد علمنا تأريخ الحوثي الرافضي الطويل والقصير، أنهم" كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم" وأن يجبروا الحوثي بقبول مخرجات الحوار وأولها الانسحاب من كل المواقع القتالية وتسليم ما بحوزته من سلاح استلمه من معسكرات الجيش اليمني بالتواطؤ مع النظام السابق وأنصاره.. " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفِ صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللهُ على من يشاء والله عليم حكيم"..
د. عبد الله بجاش الحميري
هل وضعت حرب الحوثي أوزارها وجنح للسلم؟ 933