يأتي من العتمة حاملاً جميع أنواع الأسلحة البيولوجية الفتاكة، ليختار أجمل المناطق وأكثرها أمناً فيضع - دون إذن - رحاله عليها.

لا يحترم الملكية الخاصة، ولا حق الجار وحرمة أذيته، بل يقوم بهتك الأستار، وتقطيع الأوصال، والإجهاز على كل ما يقع في مخالبه وفي كل زاوية وصل تمدده الخبيث إليها.

لا يخشى الأنين الذي يصاحب إقامته ولا التوجع الذي يسببه تمدده، ذلك أنه مولود من رحم العذاب.

يتلذذ كلما رأى الدموع، وتزداد وحشيته حينما يُستجدَى الرفق..

يكره الحب ويعشق: السقوط، الفراغ، الخِواءْ، وانتحار العافية وموت الشفاء.

في الأمس، رمق أسراب الطيور، وهي تصنع أعشاشها، على أغصان زيتونة مضيئة، فأقبل يخبىء في مخالبه شراً، كانت قد نفرت منه دروبه الطويلة، قاصدا الاستيطان القسري فيها، ليمضي في إطفاء سناها كما فعل بأخريات قبلها.. مذ فاجعة حضوره.

أجهشتُ ببكاءٍ لا دمع له، وأنا أقلِّب جرحي المهموم، باسطًا ناظري في الأفق أفتش عن غيمةٍ تقيني حرارة الشمس وهجير المواجع، غير أن طرفي ارتد كسيراً.. فآويت إلى زاوية علّها تعصمني من الحزن، كنت أعلم ألا عاصم اليوم من أمر الفاجعة.. سوى الدعاء.. فرفعت أكفي إلى السماء:

اللهم اشفِ كل مريض بالسرطان.. وانصره عليه.. وأﻻَّ تريه مكروهاً بعده أبداً.. اللهم هذا ابتلاؤك رضي به عبدك فاجعل صبره كفارة لذنوبه واغفر له وامنن عليه بشفاءٍ عاجلٍ من عندك فلا راحم و ﻻ شاف سواك.