العشوائية التخبط وعدم امتلاك رؤية اقتصادية اجتماعية لواقع البلاد المؤلم, غياب الرؤية الاقتصادية ولَّد مشكلات كثيرة, حيث أن ما تسمى بدول الربيع العربي تعيش على واقع تفاقم مشاكل اقتصادية ناتجة عن غياب الرؤية أو الأهداف الاقتصادية لهذه الأقطار من جهة أخرى. الثابت في كل الأحوال أن هناك حاجة إلى إجراء إصلاحات اقتصادية بنيوية لمعالجة المشاكل المتوارثة والحالة هذه فإن ملف الديون في هذه الدول يشكل أحد مكامن الأزمات الاقتصادية وقد يمثل في الوقت ذاته باباً للتقدم في مجال الإصلاحات الهيكلية المطلوبة.
الحكومة "المنقرة" منذ فترة أعلنت أنها تخطط لرفع الإيرادات الضريبية والجمركية خلال السنوات الثلاث المقبلة لمواجهة التراجع الكبير في إيرادات النفط والاستثمارات والتطبيق الكامل لقانون الضريبة العامة على المبيعات والعمل على توسيع القاعدة الضريبية وفقاً للقوانين الضريبية من خلال تطوير آلية العمل في المصالح الإيرادية الضرائب والجمارك وأنها ستوقف الإعفاءات الضريبية والجمركية غير القانونية مع وضع التدابير والضوابط المعفية لضمان عدم تسربها لغير الأغراض المخصصة لها.
الحكومة "الململمة" تدرك أو لا تفقه أن الاقتصاد السياسي في اليمن يتمحور حول نخبة صغيرة من العسكريين والقبائل والطبقة السياسية والقطاع الخاص.
لقد كان نظام صالح القائم على المحسوبية مبنياً على العائدات من صادرات النفط واستغلال الاقتصاد وهناك حوالي "10" أسر بارزة تستحوذ على أكثر من 10% من أعمال الاستيراد والتصنيع والخدمات المصرفية والاتصالات ونقل البضائع.. وما يزيد من تفاقم الوضع هو ممارسة النخب في اليمن التي تنهمك في تحقيق ثروات شخصية وتستنزف من موارد اليمن وترسل الأرباح إلى الخارج وغالباً ما تقف حجر عثرة أمام إصلاحات هيكلية في اليمن الذي هو أمسّ الحاجة لها.
لقد كان اليمن البلد الخامس كأكبر مصدر لتدفقات رؤوس الأموال غير المشروعة ضمن البلد الأقل نمواً بين أعوام 1990 ـ 2008 في ظل خروج "12" مليار دولار من اليمن.
حكومة الوفاق طلبت من المانحين في اجتماع ما يسمى بأصدقاء اليمن الذي انطلق في نيويورك قبل فترة الوفاء بتسريع تخصيص تعهداتهم والبالغة (7.8) مليار دولار وإتاحتها للإنفاق واعتبار التعهدات المقدمة في مؤتمر الرياض واجتماع نيويورك عام 2012 موارد جديدة وتقديمها على شكل منح لا قروض, الورقة الاقتصادية الرئيسية التي قدمت بعنوان "مستجدات الوضع الاقتصادي في إطار البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012 ـ 2014 التقدم في تخصيص تعهدات المانحين وإنفاقها وتنفيذ أولويات الإصلاحات والدعوة إلى تغطية تكاليف المشاريع الجديدة الممولة من التعهدات بنسبة" 00% "وإعفاء مساهمة الحكومة في التمويل وتخصيص التعهدات وفقاً لأولويات برامج البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية ومشاريعه وتزويد الحكومة بخطط تأشيرية للسحوبات من التعهدات وتمويل صندوق جبر الضرر ورعاية أسر الشهداء, الورقة أوضحت أن الموازين والمؤشرات الاقتصادية الكلية شهدت بعض التحسن لكن يصعب ضمان استدامة ما تحقق بسبب الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها اليمن.
الحكومة أشارت إلى أن هناك صعوبات تتمثل في تأخر بعض المانحين في تخصيص تعهداتهم واعتبارها بعض قروض من دون مراعاة الظروف الحرجة التي يمر بها اليمن والموازنة العامة. مجموعة ما يسمى أصدقاء اليمن في ختام اجتماع وزاري في نيويورك حضَّت الحكومة اليمنية على مزيد من الجهد بالنسبة إلى توظيف الشباب والتخلص من الوظائف الوهمية في القطاعين المدني والأمني والإصلاح في مجال دعم بعض السلع, وهناك تحديات في المجال الإنساني حيث لا تزال دون تغيير وما يزال الـ "12" مليون يمني يفتقرون إلى المياه النظيفة والخدمات الصحية و "5/10" مليون آخرين لا يملكون غذاءً كافياً و "5/6" مليون لا يحصلون على رعاية صحية و "1" مليون طفل يعانون من سوء تغذية حاداً.
وأخيراً- وليس آخر- اعترفت الحكومة أنها سوف تخفق في تحقيق تقدم ملموس في معظم أهداف التنمية, وبين تقرير في عنوان "المشاورات الوطنية" حول أجندة ما بعد عام 2015 أن الإنجازات ركزت على الجانب الكمي في حين رافقها إخفاق في جوانب الجودة والنوعية فضلاً عن معوقات على المستويين العام والقطاعي ساهمت في تكوين ظروف غير مواتية للإنجاز والتقدم, لقد فشل اليمن في تحقيق أهداف التنمية الألفية إلى ضعف القدرة التمويلية, إخفاق اليمن والمانحين في تمويل البرامج بعد مؤتمر المانحين عام 2006 , أدى إلى توقف عجلة التنمية وتعثر الكثير من البرامج الخدمية.. وأظهر التقرير الوطني الرابع للتنمية البشرية 2013 ضعف مستويات التنمية البشرية في اليمن بجميع أبعادها في ظل اتساع رقعة الأمية والانتشار الكبير للأمراض, الأمر الذي انعكس بصورة واضحة على مستوى الإنتاجية للكوادر البشرية في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية.
هامش:
1. الحياة العدد (18438) 27/9/2013
2. الحياة العدد (18436) 25/9/2013
3. الاتحاد الاقتصادي 30/9/2013
4. الاتحاد الاقتصادي 30/9/2013
5. الحياة العدد (18444) 3/10/2013
د.علي الفقيه
غياب الرؤية الاقتصادية لحكومة الوفاق..النفاق 1058