إننا نجد أن الدارس لمسار حياة البشرية سيجد أن كل الأديان الموجودة على وجه الأرض كانت في الأصل ديانة سماوية جاء بها رسولٌ من رسل الله ، ولكنها تحورت وانحرفت بواسطة أتباعها وجعلها الملأ وخاصة الحكام في خدمة مصالحهم والملأ هم الحكام والأغنياء ورجال الدين الذين يقودون بقية الناس للوقوف ضد ما يتعارض مع وجاهتهم و مصالحهم ولهذا الملأ وإتباعهم من الجهلة الذين ذكرهم القرآن هم الذين يعارضون أي تجديد أو دعوات الدين التصحيحية في كل مكان وزمان, ومن خلال طبيعة البشر التي ركبت على خصائص التغير والتبديل والتأثير والتأثر والاستعداد للخير وللشر نجد أن المسلمين والمؤمنين بدعوة الرسول بعد موته يكونون هم المسؤولين عن حفظ الدين، ولكن جرت سنة طول الأمد والعادة أنه يحدث اجتهادات وتغيير وتبديل, وهنا مع الزمن يتحول الناس عن الدين إلى عقائد وتشريعات أحدثوها وأدخلوها على الدين, ومع مرور الزمن تصبح جزءاً من الدين ، وبعد عدة أجيال يتمسك الناس بما استجد من تشريعات ويتوارى الدين الحقيقي عن الأنظار، فيصبح أحفاد المؤمنين بالرسول بحاجة إلى رسول آخر يعيدهم إلى الدين القويم، فيرسل الله رسولاً آخر، ليتكرر معه الموقف وتتكرر مراحل الدعوة من جديد.
والسبب المؤثر لتحول الناس عن الدين أو الانحراف عنه هو أن الناس بعد دخولهم الدين الجديد يحتفظون بالكثير من مظاهر ثقافتهم وعاداتهم وتراثهم السابق المتأصل، وبعد وفاة الرسول وموت الجيل الذي يليه تبدأ هذه الخلفيات الثقافية والتراثية بالعودة إلى الطفو على السطح، وبما أن الدين يحاربها، فإن الكثير منها يتم تلبيسه للدين وتحويله إلى جزءٍ لا يتجزأ منه، فيحافظ الناس على موروثاتهم السابقة المخالفة للدين بنسبتها إليه ، وكلما تقادم الزمن كلما دخل في الدين ما ليس فيه حتى يعود الدين غريبا بين الناس كما بدأ فيحتاج الناس إلى رسول آخر يعيدهم إلى طريق الصواب ،لان الله كان يكلف الرسول بتبليغ الرسالة بالمعنى ويتلقفها اتباعه بالمعنى فيحدث التبديل والتحريف اما الرسالة الخاتمة, فإن الله كلف رسول الله أن ينقلها كماهي وهي القرآن "سنقرئُك فلا تنسى" .."فإذا قراناه فاتّبع قرآنه" وتكفّل الله بحفظه: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ولهذا لاحظنا التحريف والتبديل والاختراع والكذب جاء من خلال بعض الشروح, والأحاديث المكذوبة عن رسول الله وإنشاء فِرق وطُرق باسم الإسلام, أما القرآن فلم يستطيعوا أن يحرفوا من خلا له, لأن الله تكفَّل بحفظه, وأما ما حدث لرسالة محمد رسول الله؛ فغالب المسلمين من الجهلة يعتبرون المذاهب السنية والشيعية والطرق الصوفية وتراث المسلمين هي الإسلام ولا يعتبرونه الفهم البشري المرتبط بزمانه ومكانه وظروفه الذي يحتمل الصواب والخطأ بل فيه ما يخالف ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا نحن في أمس الحاجة إلى مراكز بحثية جماعية ومجمعات فقهية جماعية متخصصة لتنقية التراث ممّا علق به وتطوير مناهج البحث ليتسنى للمسلمين مواكبة المستجدات والمتغيرات, والله الموفق والها دي إلى سواء السبيل.
محمد سيف عبدالله
التراث ليس هو الإسلام 1018