غثيان لابد أن يصيب كل ذي حس ولو أبله في الصورة المتحركة بأنياب اللأحياء التي شاهدها العالم كله على الفضائيات قبل أيام, يدخل الرئيس عباس إلى قاعة المؤتمر في مقر المقاطعة ما يسمى الرئاسة الممزوجة اليوم بالبؤس والتعاسة , ينتظره بأريحية واستخفاف وبأسنان تلمح منها بقايا لحمنا الممضوغ بمتعة المفترس مجموعة من الصحفيين الصهاينة , في رام الله الفلسطينية, يحيِّيهم عباس بتحية عبرانية وهو يحييهم باسمه لا باسمنا : شالوم ...شالوم ثم يشير إلى أحدهم: أنت ..لا ليس أنت ..أنت.....

مهزلة الساخر المسخرة تكتمل ويحق لهم أن يضيفونه لـ"أجندتهم" يوماً آخر لمسخرتهم التي يحتفلون بها ثم يؤكد عباس لضيوفه المُكرَهين على مشاهدة انتشاء القاتل بفزع الضحية وتلذذه بِذُلِّها إذ يقول: إن التنسيق الأمني مقدس..ثم يمنح العبارة امتداد الشرايين النازفة إذ يؤكدها بالتمييع, نعم مقدس وقد مدَّ شفتيه حتى وصل إلى أبعد من أنفه المجدوع على التطبع بذل هذا التنسيق فيثير نشوة وشهية غرائزية لمغتصب من الصحفيين الصهاينة فيقوم هذا الصحفي بتقبيل الفتاة التي بقربه أمام العدسات فينتقل المشهد بارتعاشة الكاميرا إلى القُبلة المنتشية في المقاطعة أمام الحضور ليسرقوا منه أضواء المقدس عنده.

التنسيق الأمني مع العدو عمالة بلغة تجميلية استخفافية تضاف الى الاستخفاف بكل الارض وكل الشعب وكل التاريخ المليء بالقتلى وبآلام المسجونين في شتات الأرض بزنزانة أصولهم كلاجئين وقبلهم الشهداء الأحياء بآلامهم في غياهب ظلمة زنازين العدو الذي انتشى أمامه.

سبع وأربعون عاماً على النكسة جاء هذا المشهد ليؤكد أنها ليست وليدة صدفة هزيمة في معركة غير محسوبة, تطاولت النكسة لتشمل سلوكاً للقادة أنهت فيهم كل جزيئة تدخل في التكوين الكيميائي الحي المتفاعل لعرق الحياء في الجباه. هذا المشهد كان حاضراً بسيناريو منظور يشبهه بالنشوة يوم الثلاثاء الماضي قبل يومين وما تلاه إلى اليوم حين احتفل القتَلَة بنشوة تطال جبهة كل مسلم بل كل إنسان حي الحواس في باحات الاقصى بالرقص وحتى تخلوا بشهوانية الغاصب عن ملابسهم وقد كانوا لا يصدقون ما وصلوا إليه وهم شرذمة من رعاع البشر في الدوس على أقدس مقدسات أمة المليار ونصف وقبلتهم الاولى ومسراهم وصاحو وصاخوا بغنائهم أن جبل الهيكل صار يهودياً ووزعوا المنشورات للعالم تؤكد نشوتهم وشكرهم لما يسمى شرطتهم ولعلهم غفلوا أو تغافلوا عن شكر من حجَّم المقدس وصغَّره وهمَّشه وأعلى عليه مقدساً ناب عنه وهو تعاونه أمنياً لهم وقد أفلح في ظل فلاح جفاف الجباه لقادة أمة المليار والنصف حتى كسَّرت هذي الجباه إذ جردتها من حيائها دنيا وآخرة وبينهما تاريخ فيما يسمى عيد نزول التوراة الذي يستمر ثلاثة أيام نكسة النكسات للامة بدأت.. في الثالث من حزيران من عامنا هذا 2014 سجل يا تاريخ روايتك عن الجباه الجرداء , مئات المغتصبين الصهاينة الأكثر رجساً ونجاسة أدخلتهم قواتهم التي تحسبت ليومها هذا وما تلاه وما يليه من مهانة وقامت بنجاح في منع دخول المرابطين بكل انواع التنكيل والبطش والذي أخذت منه الحرائر نصيبهن وهم يجرُّونهن على الأرض وينكِّلون بهن وبكل من أراد الاقتراب من المسجد الأقصى منذ صلاة الفجر, دخل المعربدون وعربدوا في الباحات وأطالوا الرقص والغناء والعويل والأهازيج بأن ما يسمونه جبل الهيكل صار يهودياً, جرى هذا دون أن تتناول شرائط الانباء العربية المحتفلة باكتساح سيسيهم أي دهشة بل أي عرض, في الأقصى رقص الصهاينة اليوم وفي ساحات العروبة رقصت الجموع لجلاديها ولرعاتها وهم يسلخون منهم آخر ما تبقَّى من جلدة الانسانية بكرامتها.

هذا ما زرعناه في يوم النكسة في العام السابع والأربعين من دائرة الحبل على رقبة الشرفاء وقد اكتملت الدائرة ودائرة شرائط أنباء العار على خصر الراقصين, وسنظل نشهد من منا ومن إخوتنا في اللسان والدين والإنسانية من يفجِّرون أنفسهم بهم ويتلذذون بقتل أنفسهم بأنفسهم وهدم دويلاتهم بمعاولهم فيما الصهاينة يبنون معبدهم, بينما نقوم بتقديمنا قرابين هذي المعابد وتنهار مدنٌ في الشام والمغرب العربي وجنوب الجزيرة في اليمن باسم الأقصى ..فوهات البنادق على صدور أنفسهم ومتفجراتهم لمساجدهم وبيوتهم وحاراتهم وقُراهم ومدنهم وهياكل دُوَلهم التي لا تُمسِك بزمام القمامة فيها وهم ينشدون للأقصى: قادمون !!

وكلٌ يدعي وصلاً بليلى

                    وليلى لا تقر له بذاكا

إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ

                     تبيَّن مَن بكى ممَّن تباكى

فأما من بكى فيذوب وجداً

                  وينطق بالهوى من قد تباكى

وقد ضحك وأبكى من تباكى على مقدسَّه المُسمَّى تباكياً تنسيق أمني مقدَّس..