يخفق قلبي وتهتز مشاعري ويتبلد عقلي كلما سمعت صوت أزيز الرصاص الذي يهدد سكون الليل وصفائه الغارق في ظلام حالك سبب الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي ليلا ونهارا منذ أكثر من ثلاث سنوات. وبدر إلى ذهني سؤال محير: هل نحن نعيش في دولة يسودها النظام والقانون ؟ أم نعيش في بلد تحكمه شريعة الغاب؟ هل لدينا قيادة سياسية وقيادة عسكرية وقيادة أمنية وحكومة وقضاء تستطيع فرض النظام والقانون على جميع المواطنين دون استثناء احد؟ أم أن هنالك جماعات وافرد خارجة عن القانون او فوق القانون لا يمكن للدولة وأجهزتها أن تطال هاو تحاسبهم فهم يشكلون دوله داخل دولة.
إذا نحن نعيش في دولة شبه فاشلة ضعيفة وتصنف من الدول الفاشلة التي يتحكم بها أصحاب المصالح القبلية والجهوية وقيادة التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي لا تحتكم إلى الحوار وإنما للغة السلاح وفرض أجندتها عبر قوة السلاح ونشر الرعب في أوساط المجتمع من خلال أعمال القتل والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة والكمائن والهجوم المباغت على عناصر الجيش والأمن وتفجير المقرات العسكرية والأمنية والمستشفيات والشجون ودور العبادة والمدارس. هؤلاء المارقين الخارجين عن القانون والذي يمارسون أبشع الجرائم الإرهابية في كمل مناطق اليمن شرقا وغربا شمالا وجنوبا ويرفعون راية الله اكبر وغيرها من الشعارات الدينية الرنانة ويمارسون تلك الأعمال الإجرامية في حق الوطن والمواطن من اجل فرض أجندات محلية وإقليمية ودولية يهدف إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ونشر الرعب والخوف بين المواطنين وتدمير الاقتصاد الوطني ووقف عجلة التنمية والاستثمار والسياحة. كل ذلك يتم تحت عباءة الإسلام والإسلام منهم بريء.
تلك الأعمال الإجرامية التي يمارسها الإرهابيون والمتطرفون والحركات المسلحة أو ما يسمى ( أنصار الله ـ وأنصار الشريعة) تتم على مرائي ومسمع من قيادتنا السياسية والعسكرية والأمنية وحكومتنا الرشيدة والتي تضم عناصر فاسدة من أنصار النظام السابق.
تلك العناصر الفاسدة تعمل في الخفاء ومن وراء الكواليس وتتآمر مع التنظيمات الإرهابية والحركات المسلحة والجماعات القبلية والأفراد الذي يمارسون التخريب والتفجيرات التي تستهدف خطوط الكهرباء وأنابيب النفط والمتاجرة بالمشتقات النفطية في السوق السوداء وخطف الأجانب.
والدولة عاجزة عن حماية تلك المنشئات الحيوية إذ أنها تدعي العجز والتخاذل وتتجاهل ما يحدث فهل يعقل أن تلك القيادات غير قادرة على فرض وبسط هيبة الدولة وتطبيق القانون واتخاذ العقوبات الجزائية الصارمة والرادعة ضد من يتلاعب ويتاجر بمقدورات البلد من الفاسدين والخارجين عن القانون وأصحاب المصالح الضيقة سواء كانوا جماعات أو أفراد ويتم القبض عليهم ثم يتم تقديمهم للمحاكمة العادلة.
هؤلاء هم من يعيق عجلة التنمية ويعيقون مسيرة الوطن نحو الديمقراطية والاستقرار والأمن بالرغم من الدعم اللامحدود للقيادة السياسية محلياً وإقليميا ودولياً.
إن كل يمني مخلص غيور على هذا الوطن وتربته الغالية ووديانها وشواطئها الجميلة يتمنى من كل قلبه أن يستتب الأمن والاستقرار ويختفي الانفلات الأمني ويعم الأمن والأمان والرخاء والنماء كل ربوع اليمن.
إن اليمن يواجه تحيات خطيرة تهدد أمنه واستقراره واقتصاده واهم تلك التحديات ما يلي :
1- تنظيم القاعدة الإرهابي ( تنظيم أنصار الشريعة): الذي استطاع ان يغرس مخالبه السامة في الجسد اليمني واستطاع أن يخترق المنظومة العسكرية والأمنية ويعتبر هذا الاختراق أهم أسباب فشل الحملة العسكرية والأمنية ضد هذا التنظيم البغيض.
2- جماعة الحوثي ( تنظيم أنصار الله): استطاع هذا التنظيم أن يتوسع في المناطق الشمالية وينشر معتقداته ويتسلح تسليحا نوعيا اقرب إلى تسليح الجيوش معتمدا بشكل كبير على الدعم الخارجي من دول وأحزاب إقليمية واستطاع أن يستقطب بعض الأفراد والجماعات وبعض أفراد من الجيش والأمن من أنصار النظام السابق متخذا من حزب الله اللبناني نموذجا له.
3- الطابور الخامس وفلول النظام السابق الذي يتغلغلون في كل مؤسسات الدولة وأجهزتها ومرافقها بالإضافة إلى الجيش والأمن والذي يعملون بوسائل وطرق عدة للحيلولة دون تحقيق الأمن والاستقرار والتطور والرخاء.
وهؤلاء يشكلون عائق كبر من معوقات المسار السياسي والديمقراطي وعائق هام من معوقات التنمية والأمن والاستقرار بل يشكلون هؤلاء اكبر بؤره من بؤر الفساد والإفساد في كل مؤسسات الدولة لان الفساد اكبر تحي واكبر عائق من عوائق التنمية والتطور في أي دولة.
4- العملاء والداعمين والممولين مادياً لتنظيم القاعدة في الداخل والخارج فالبعض منهم منخرطين في صفوف الجيش والأمن والبعض من رجال العمال وكبار الشخصيات القبلية النافذة في البلد والذي يشكلون اكبر مصدر ممول لهذا التنظيم الإرهابي منذ بداية الثمانينات وحتى الآن.
5- المخربين والخارجين عن القانون والذين يعملون مثل خفافيش الظلام لصالح بعض الأطراف النافذة في البلد والذي يرتكبون أعمال التخريب وتفجير أبراج الكهرباء وأنابيب النفط وتدمير المنشآت الوطنية ويلحقون خسائر وأضراراً كبيرة بالاقتصاد المني ويتكبد المواطنين خسائر باهظة الكلفة لان تلك الأضرار تمس حياتهم اليومية وتلحق ضررا بالغا بكل شرائح المجتمع.
تلك أهم التحديات التي تواجه اليمن على المستوى الرسمي والشعبي.
ولذلك لا بد من تكاتف جهود كل اليمنيين والعناصر الفاعلة والخيرة الشريفة التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني والمخلصين من أبناء هذا الوطن وكل من شرب من حليب وماء هذا الوطن وتنفس هوائه العليل واستظل بسمائه ومن في دمه ذرة كرامة وشهامة ورجولة وآباء والى الشباب الواعد وتلك القوى والشخصيات والأحزاب التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني لا بد من وضع الحلول المقترحة والمدروسة والهادفة للتغلب والقضاء على تلك التحديات الخطيرة التي تهدد امن واستقرار ومستقبل بلادنا والاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية في هذا المجال ووضع استراتيجية وطنية لاجتثاث ظاهرة الإرهاب والتطرف والتخريب الأمني ووضع الخطط والحلول الصحيحة والمدروسة امنيا وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً ودينياً وتعليمياً والإسراع بالتطبيق العملي لتلك الحول والخط حتى تحقق نتائج إيجابية ويلمس المواطن العادي نتائج ملموسة في حياته ومستقبل أطفاله ويسود اليمن الأمن والاستقرار ويتطلع اليمنيون إلى يمن جديد أكثر أمنا واستقراراً وعدلاً ويعم اليمن نسائم فجر جديد تتلألأ خيوطه البيضاء مشبعة بالحب والأمل والخير والنماء. ويرتشف أطفالنا قطرات من حب اليمن الحلو والشهي والممزوج بعسل الروح والشعور والإحساس والانتماء حتى الارتواء وتنعم براعمنا الصغيرة الواعدة بمستقبل مشرق وضاء.
د. عبد السلام الصلوي
وطن جريح..! 1227