كنتُ قد كتبتُ مقالاً سابقاً بعنوان (الهروب إلى المؤامرة)! تناولت فيه إخفاقات مسئولينا وادمانهم الفشل, وهروبهم من تحمل مسؤولياتهم باتجاه استدعاء نظرية تآمر الخارج علينا وعليهم.
ولأنهم لايزالون كما وصفتهم, هانا ذا اليوم أُذكر, بأنَّ الفشلَ أصبح لسان حالهم, إذ غدوا غير حكماء, بل إنهم قد جعلوا من مقولة (حكمتهم اليمانية) الآفلة بمثابة رداءٍ يتدثرون به, رغم عقم تفكيرهم, وغياب رشدهم, وشلل إرادتهم !ُ
أما استدعاؤهم لـ(نظرية المؤامرة), فإن أخطر ما فيه؛ أنه استدعاءٌ يحجب عنَّا مواطن ضعفنا واخفاقاتنا, بل ويجعل من اخفاقاتهم بمثابة منجزات - حسب زعمهم - (لولا تدخل الأجانب والغرباء, وحضور( الغزاة ومؤامراتهم )!.
يا هؤلاء, اعلموا أن للآخر الخارجي أجندته وأهدافه, بل و(مؤامراته) ! لكن ماذا عنكم, أين أجندتكم, وحكمتكم, وانجازاتكم؟!
يا من تتبرؤون من فشلكم, وتستحضرون ثاراتكم, وتطيلون أعماركم السياسية والوظيفية؛ عبر مبرراتكم الواهية, كالقول بمرور الوطن بوضعٍ استثنائي, والتحجج بتكالب الأعداء وأنصارهم!
أيها الحكام والمسئولون, استعيروا قدراً من الحياء والخجل السياسي ممن تسمونهم بـ(المتآمرين الأجانب)؛ فهم يتحملون مسئولياتهم, ويستقيلون حين يفشلون في تأدية مهامهم.
نعم, إنَّ الخلل الأكبر فينا كمحكومين؛ لصبرنا عليكم, وزهدنا في تمتعنا بحقوقنا وحرياتنا, وتبلد بعضنا تجاه مقاومتكم ومحاسبتكم.
لنعلم أن معاناة شعبنا مصدرها الأرض لا السماء, وسببها أنتم, وفشل حكوماتكم المتعاقبة.
يا أهل اليمن (تيمننوا), واستعيدوا حكمتكم الآفلة, وحرروا إرادتكم المكبلة, ومِن ثَّم حاسبوا حكامكم ومسئوليكم؛ يستقيم حالنا وحالكم.
وفي هذا الصدد, نود التذكير بأننا هنا, لا نجلد الذات ولا نتآمر عليها؛ بل ننقدها, ونجتهد في تبيان مواطن ضعفها, والتغلب عليها, ومن ثّم السعي لإيقاظها.
نعم, لا يأس ولا قنوط, بل مستمرون في زرع الوعي, ومواجهة الفساد والاستبداد. أفيقوا يرحمنا ويرحمكم الله.
د. محمد الظاهري
غيابُ الرشد واستدعاءُ المؤامرة! 1328