إن الكره الديني والطائفي وما تتسم به المناظرات الجدلية من ندية وخصومة، كل ذلك ليس من الدين في شيء.
فالدعوة الحقيقية إلى الله تعالى المجردة من المصالح لا يمكن أن تكون دعوة كراهية أو إكراه أو عنصرية، بل إنها دعوة حب وإخاء وتعايش وسلام.
وهل الدين إلا الحب والأخوة؟.. ولهذا فإنه يجب علينا في نفس الوقت الذي ندعو الآخرين إلى الحق بروحية الرحمة والأبوية يجب أن نعلم بأن الأب قد يكون مخطئاً فلا عيب أن يصحح من أفكاره وفق ما يجده حقاً عند أبنائه وهو ما نعترف فيه في كل وقت ندعو الله حين نقول: "اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه وما قصرناه عنه فبلغناه" وحين ندعوه فنقول "اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأردنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه"..
إننا لم نبلغ العصمة ولا يمكن لأحد أن يدعو الآخرين بروح العصمة إلا المعصوم، ومن سوى المعصوم ـ ومهما علا ـ فكل مجتهد قد يخطئ ويصيب، فعلام هذا الصراع الطائفي المحتدم والكره الديني المتفشي والدم المسفوك في مجتمعات بلادنا اليوم؟.
قد يظن البعض بأن التدين هو أن نقسو مع الآخر باعتباره صاحب بدعة أو باعتباره كافراً أو تكفيرياً ولا يلتفت إلى قوله تعالى "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" وهي آية صريحة لا لبس فيها، بل إنها من اصرح آيات القرآن في مبدأ حرية العقيدة كما توضحها آيات أخرى منها "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"..
ما أريد أن أختتم به هو أن الله سبحانه وتعالى الذي ضمن حرية الدين في كتابه القرآن الكريم من المستحيل أن يحرم أو يمنع حرية الفكر والعقيدة في إطار ديننا الإسلامي الحنيف، ولهذا فإني أدعو وأحذر أولئك الذين ينشرون الكره والطائفية ويبرروا سفك الدماء الزكية تحت مظلة الدين لتحقيق أهداف سياسية وليعلموا أن المرء ما زال في فسحة من دينه ما لم يرق دماً حراماً... والله من وراء القصد.
محمد صالح الحشئي
حرية الفكر والعقيدة 1231