كل ما يحدث حولنا يثبت بما لا يدع مثقال ذرة من شك أن الحكومة قد أضاعت من بين أيديها فرصة كبيرة جدا وجعلتها تذهب أدراج الرياح, فرصة أن تكسب الشعب لصفها يوم كان الشعب مهيأ أن يتقبل كل من ينتشله من وضع مزري كان يمر به.. كانت الفرصة مواتيه لها أن تحتوي هذا الشعب من أقصاه إلى أقصاه حين كان جريح الروح يرتجي من يداوي شتات روحه ويؤمن حاضره المبعثر ومستقبله الضرير لكنها وبكل أسف وألم أفلتت هذه الفرصة وأضاعتها بتخاذلها وعدم قدرتها على لمّ شعث هذا الشعب الصابر على كل الأزمات وزادت الأزمات أضعافاً مضاعفة..
فيوم أولى الشعب ثقته لحكومة الوفاق كان ينتظر منها خطوات إيجابية وتنفيذية تظهر جلية على أرض الواقع تزيح عن كاهله مرارات واقع الصراع والقتل والجري وراء الحقوق المنهوبة والوطن المنكوب غير أن الذي حصل أن ما كان ويكون لا يعدو سوى خيبات رجاء وواقع تتصارع فيه الرؤوس الكبيرة على من يصرع الوطن والمواطن أولاً وركنت النخب السياسية إلى العجز والتواكل وإيكال التهم ببعضها البعض وتركوا ما ينفع الناس وتحول المواطن اليمني إلى كبش فداء تسير على دمه كل الأزمات الطاحنة التي يواجها كل لحظة ويقابلها بمزيد من اليأس وفقدان الأمل في أن يكون لديه وطن يستظل تحته, حيث لا ظل اليوم إلا ظلاً قبيحاً لسياسة دموية وساسة أحالوا الوطن لمقبرة كبيرة.
كلٌ يعبث على هواه وعلى مقاس مجونه وصلفه زدنا قتلاً لبعضنا البعض وصراعاً وتهماً وزدنا ظلاما وأزمات مازالت تتوالى تباعا والصراعات تتنامى ويصر المتصارعون على توسيع حلبة التناطح كي يحصدون أكبر قدر ممكن من دماء الأبرياء وحريق أكبادهم.
الجميع صار يبحث عن مَواطن الخلل في خصومه ويذكيها ويجمع لصفه ويفرق صفوف غيره ويوغل في النفوس كي يثبت أن الآخر لا ولن يكون أفضل منه.. صار العمل بمبدأ "من ليس معي هو عدوي" هي الثقافة السائدة في كل مكان نذهب إليه واختلطت الحابل بالنابل وصارت الزوايا كلها مشتتة ويحيطها العناد السياسي بين الأحزاب والعقول الغُلف التي تصر أن لا تُنفذ إليها ولو حتى قليلا من ولاء لوطن مازالوا يغتالونه.
ما يحصل اليوم هو قدرتنا الكبيرة على تحميل الآخر مرارات ما يحدث اليوم من اختلال لموازين الدولة في كل المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية و مازلنا نتشدق بالتغيير (الحلم الذي أجهضه الأوغاد) به ونحاول أن نجعله شماعة نعلق عليها إخفاقاتنا وعجزنا عن تغيير أنفسنا أولا وكسر الأصنام التي مازال البعض يعبدونها ويطوفون حولها وتناسوا اليمن ودماء التي مازالت تراق على تربته الزاكية وحكومة الوفاق مازالت في شقاق..
لقد تحولت الشعارات إلى فتيل يحرق فينا كل يوم أي أمل لغد أفضل بعد أن تعالت أصوات الموت وروائح القتل والاغتيالات ووأد كل ولاء دسته بعض النخب السياسية تحت عباءات عنادها وصلفها ونزواتها الدموية المقيتة.. كل ذلك يحدث وحكومة الوفاق تستمرئ عذاباتنا ومعاناتنا وتؤدي دور "شاهد ما شافش حاجة".. لك الله يا وطني الغالي..
سمية الفقيه
حكومة الوفاق والفرصة الضائعة 1198