قد يقضي البعض منا أسبوعاً كاملاً في الطوابير أمام محطات النفط, عله يحصل على شربة بترول لسيارته العاطشة وكأنه في صحراء خالية من البترول،َ وفي اليمن, فصحراء حضرموت ومأرب والجوف إن كن خاليات من الماء فهن بلا شك وهذا معلوم عند كل مواطن يمني مليئة بالنفط.
وعلى الرغم من كل هذا, فالوضع- كما ترون- أزمة خانقة ومستمرة.. الرئيس- وفي خطابه بمناسبة يوم الوحدة- أعلن عن اتخاذ قرارات صعبة وطلب من الشعب أن يسامحه ويغفر له فكان أول المبشرين علناً وصراحة بالجرعة السعرية, على الرغم من نفي الحكومة والرئاسة هذا دائما.
قرار الجرعة السعرية في رفع الدعم عن مادة الديزل على أصحاب المصانع والشركات بشكل عام وشركات النقل الثقيل فقط، أما المواطن فسيباع له الديزل بالسعر المدعوم، استغفال للشعب والشعب يقول لهم كفى استغفالا, كفى عبثا, كفى كذبا, كفى حرقا بجثة متفحمة ففي الحقيقة فإن الشعب هو من سيتحمل أعباء كل هذا وسيتحمل أسعار رفع نقل المواد الغذائية والاستهلاكية والفواكه والخضروات وسنكون أول الضحايا لا شك ولا ريب في ذلك.
إن كان قرار الجرعة السعرية جاء بإجماع جميع القوى السياسية والحزبية في البلد فلماذا نفي بعض القوى موافقتها وذلك على صحفها الرسمية بأنها لا تؤيد الرفع وعلى الحكومة إيجاد بدائل وحلول لذلك.
من كان يعتقد ويظن أن مسلسل الجرعات سيستمر حتى في عهد أول حكومة بعد ثورة فبراير لكن لا ضير في ذلك فقد روضت حكومات النظام السابق هذا الشعب على ذلك فلا يتم تغيير حكومة إلا لتأتي للبلد بجرعة سعرية جديدة، فحكومة الوفاق منعوتة من جميع القوى بالفشل وتحاول بعض القوى التمويه بسحب الثقة عن الحكومة في مشهد هزلي لغض الطرف والبصر لامتصاص ولو جزء بسيط من احتقان الشارع الغير راض تماما عن كل ما يحدث في البلد.
مما لا مناقشة ولا مجادلة فيه وباعتراف جميع القوى أن التوافق لم يعد الوصفة السحرية كما كان وأثبت عدم قدرته على إصلاح الوضع الاقتصادي وشاركت جميع القوى في هزيمة حكومة الوفاق أمام التحديات، فاليوم لا داعي لرمي وتحميل الأثقال كواهل الغير أو أحد بعينه فمن كانوا في السلطة لا زالوا في السلطة ومن يتكلم عن قوى في الحكم وقوى في المعارضة هنا وفي اليمن فقط وخلال هذه الفترة أيضا فمنطق الحكم والمعارضة منطق باطل خائب وغير صائب استخدامه, فالكل يحكم ويعارض معا فإن أدى وزير ما عليه بكل تفاني وإخلاص قالوا انه وزيرنا الفلاني وان قصر علقوا أخطاءه بالتوافق وحكومة الوفاق المهزومة ويحاولون سحب الثقة عنها.. إذا فاسحبوا الثقة عنها ولتذهب إلى الجحيم فنحن كشعب لن نخسر مناصبنا ولا مخصصاتنا.
في استجواب البرلمان لباسندوة يجيب "أنا رجل قوي" فهو ربما قوي أخلاقيا بمبادئه وأهدافه السامية التي تترجمها دموعه أمام الملأ ولكن يا أستاذ محمد إن القوة بقوة الدفاع والجيش وقد ظهر ضعفك أمام قوة مفجري ومخربي أبراج الكهرباء وأنابيب النفط التي كانت السبب الأول في قيادة حكومتك إلى الفشل وربما الإفلاس ماليا إن استمر دعم المشتقات النفطية وقد كلف إصلاح أنابيب النفط أربعمائة مليون دولار أما الخسارة جراء عدم وتوقف التصدير فلا يعلمها إلا الرئاسة والوفاق معا بينما يعلم الشعب أن التخريب هو السبب الرئيسي والأول في الجرعة السعرية الجديدة والشعب إذ يحمل بالدرجة الأولى الرئيس ووزير الدفاع والداخلية مسئولية كل ما يحدث وأنا شخصيا أترك باسندوة بعيداً عن المسئولية, فقوة الدولة المتمثلة بالدفاع والداخلية كانتا ولا زالتا في قبضة الرئيس وطفا ذلك الخلاف بين الرئيس وباسندوة أكثر من مرة على هذا.
في الأخير إن لم تستطع جميع كوادر الحكومات لعقود من الزمن التخلص من لعنات الجرع السعرية, فالمواطن يتمنى أن لا تتكرر فما بعد الصبر إلا القبر.
زكريا الحسني
يكفي حرقاً بجثة متفحمة 1094