قبل الحديث عن الجرعة الجديدة التي تنوي حكومة الوفاق الوطني إقرارها على المجتمع اليمني، يجب أن نعلم أن نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح قد تراجع عن فرضها لأكثر من مرة، بسبب خوفه الشديد من ردة فعل الشارع اليمني الذي صار نصف سكانه يعيشون تحت خط الفقر المدقع.
واليوم وبدون خوف تسعى حكومة الوفاق الوطني التي جاءت عبر سيل من الدماء الزكية لشباب ضحوا بأرواحهم رخيصة في سبيل صناعة حياة حرة وكريمة إلى فرض هذه الجرعة، حتى وصل الأمر بأحد وزرائها بأن دعا الحكومة إلى إقرار الجرعة وأن عليها أن لا تكترث لغضب الشارع.
حكومة الإخفاق الوطني التي أثبتت فشلها الذريع في تحسين وضع الشعب في كل الجوانب، بما فيها الجانب الاقتصادي، تريد أن تفرض على شعبها جرعة جديدة وتحت مسمى الإصلاح الاقتصادي، وكأنها بذلك - أي الحكومة - لا تمتلك بدائل أخرى تحسن من خلالها الوضع الاقتصادي إلا من خلال إرهاق المواطن المسكين الذي يحترق كل يوم بلهب فسادها المشتعل.
حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأستاذ باسندوة لا تعلم بأن الإصلاح الاقتصادي يبدأ أولاً من خلال مكافحة الفساد بكل أشكاله والقضاء عليه، وهذا مالم تعمل به حكومة باسندوة حتى الآن، حيث وأن الفساد يستشري اليوم كل مفاصل الدولة بدءاً من التهرب الضريبي إلى الأسماء الوهمية في قطاعي الجيش والأمن ووصولا إلى تهريب مادة الديزل وغير ذلك، وكل هذا الفساد يوجد في ظل تقاعس الحكومة الحالية التي لم تعمل شيئاً حياله.
فهل كافحت حكومة الوفاق الوطن الفساد المتعدد اليوم وقضت عليه أيضا حتى تصل إلى الأمر المحتوم وهو فرض جرعة جديدة على الشعب؟!.
صدقوني الأمر لا يتطلب تجريع الشعب، وإنما يتطلب قليل من الحياء لدى حكومة الوفاق، التي لم ترحم هذا الشعب المغلوب على أمره، ولم تخفف عنه كاهل فسادها الغير محتمل.
ألا يكفي حكومة الوفاق أن الشعب لا يزال حتى يومنا هذا صابراً عليها ومازال أيضا يوليها ثقته في حين أن العالم برمته لا يثق فيها؟, والدليل على هذا أن كل المساعدات المالية التي أعتمدها مؤتمر أصدقاء اليمن لم تحصل عليها بعد حكومة الوفاق، والسبب في ذلك هو أن حكومة الوفاق الوطني الحالية ليست محل ثقة عند الدول المانحة.
إذاً الوضع الاقتصادي الهش الذي تقف عليه اليمن اليوم ليس بحاجة إلى أن تقر الحكومة جرعة جديدة.. فقد يترتب عنها مالم يتوقعه أحد من اليمنيين، بل إنه بحاجة إلى أن تراجع حكومة الوفاق حساباتها وتقف بمسؤولية عند محاربة الفساد والحد من تفشيه، وأهم من ذلك هو أن تعمل بشكل صحيح حتى تنال ثقة الجميع بها.
محسن فضل
الأمر لا يتطلب جرعة!! 1197