تتسارع المتغيرات على المجتمعات البشرية في الأزمنة الأخيرة باطراد يهوي بالفطرة الإنسانية نحو منزلق خطر..
تتغير البيئة العالمية الإنسانية, وتتلون بصبغ شتى, وتفرز الأحداث المشتعلة في مناطق النزاعات عوامل متعددة تسهم في انحراف الإنسان عن جادة الصواب, وتدفعه للانخراط في ممارسات لم يكن يخطر بباله أنه سيقدم عليها في يوم من الأيام!.
العنف الذي غزا كوكب الأرض من الداخل, ظلم الشعوب الضعيفة وقهرها, وتسلط وكالات الأنباء الدولية, والفضائيات المؤججة للمواقف, وشرور تجار الحروب, وسموم نشرات الأخبار الموترة للأعصاب, والدراما بألوانها, وهوس العالم الافتراضي.. كلها مفردات تدعو الإنسان لالتزام منهج العنف, واتخاذه مسلكاً لنيل المطالب, وحل المشاكل, واسترداد الحقوق..
وسائل الإعلام تلعب دوراً بارزاً في خلق بيئة العنف..
هل أضحت لعنة العصر؟!. وهل تطورت البشرية بفضل اتساع سطوة عالم التكنولوجيا والاتصالات؟, أم انحدرت ببطء؛ لتستيقظ فتجد نفسها تعيش بمنطق ألغاب؟!.
يتغير الإنسان باحتكاكه ببيئة تمارس العنف, وبتكرار مشاهد العنف أمامه على قنوات الإعلام كل يوم, وعلى مدار الساعة؛ وبعد برهة سيكتشف كل أحد بأنه قد أصبح يسلك ذات المنهج في حل مشاكله, حتى مشاكله الأسرية..
يحزنني أن صرنا هكذا؛ همجيين, قمعيين, عنيفين..!
ولغياب هيبة الدولة دور كبير في حدوث هذا التهاوي لضمير الإنسان, فهيمنة نظام قوي على الجميع يشعر الإنسان بالأمان, ويمنحه قدراً كبيراً من الهدوء النفسي, لأنه يمتلك الثقة بأن ثمة من سيحفظ له حقوقه, وكرامته, ويحميها من الانتهاك..!
نحن بحاجة لقيام هذه الدولة في وطننا, وبأسرع ما يكون وبحاجة لشن حملة قوية ضد قنوات الإعلام, والإعلاميين الذين يروجون للعنف وبحاجة لفترة استرخاء طويلة؛ لنستعيد ذواتنا, ونسترد أجزاءنا الطيبة, الغائبة بسبب ضجيج العنف اليومي, والأزمات الوطنية المتلاحقة, والضغط الشديد على منبه الخطر إيذاناً بشحة موارد حاجاتنا الأساسية, والانتهاكات المستمرة لإنسانيتنا؛ فكل ذلك جعلنا نتنمر دون وعي منا, ونمد مخالبنا لأذية بعضنا البعض على غفلة من يقظة الضمير, والذات الطيبة فينا..
أعتذر للإنسان فينا, ولكل شيء جميل يربطنا بالأخر.. عن كل لحظة عنف ندت منا دونما قصد..
نبيلة الوليدي
لماذا غابت الذات الطيبة؟! 1327