من أفضل ما قرأته ولخصته في وصف الحروب وماهيتها وضررها وحقيقتها ومعرفة كوارثها هي أنها: " عدم الاعتراف بالغير بل وإنكاره والعمل على اندلاع العنف، وغياب الحق والعدل ومحاولة فرض الباطل بالقوة، والمخاطرة بحياة الإنسان وتدمير الثروات المتنوعة، وفتح الأبواب وتكريس النشاطات للمجابهات الدموية، وتقديم أفضله اللامعقول على المعقول، وتقديم الشيء المطلق على الشيء النسبي، واعتماد الغاية تبرر الوسيلة ولو كانت الوسيلة مدمرة ومحرمة دينياً ودولياً وإنسانياً، ونشر الفوضى والعمل على اشتداد الأزمات وسيلان الدماء وانحدار العرق وذرف الدموع هنا وهناك، وانتشار الخوف والقلق في كل البلدان التي يقع الحرب على ترابها، وفرض اللقاء الحتمي مع الموت وقيادة حمقاء تدير هذه الحروب يبرهن على فشلها وانسداد عقلها وقلوبها، وضياع تفكيرها"..
هذه خلاصة قراءتي لوصف الحرب وإذا أخذتها وتأملتها ومضيت بها إلى ديوان حكومتنا وكهوف الخارجين على الشعب بكل فئاتهم المخابراتية تحت مسمى حماة الشريعة والقاعدة، أو الطائفية تحت مسمى الحوثية, أو العنصرية المناطقية تحت دعوى فك الارتباط؛ لوجدتها تنطبق عليها كل هذه الصفات بل وتزيد عليها أنها حربٌ على الدين وعلى ثوابت الوطن، تشترك معها الدولة والأحزاب السياسية من حيث تدري ومن حيث لا تدري بحمق قيادة لا تدري أين الطريق، ويشترك كل من يسكت على ما يجري..
نحن نتوجه إلى السخرية بأنفسنا، ونتجاهل الخطر الزاحف نحونا دون أن نتلمس العواصم من القواصم، بل نحن نمر على ما يجري ونسخر منها كما سخر قوم نوح من صناعته لسفينة النجاة نحن ندعو قومنا لصناعة مركب النجاة لوطننا والتعاون على منع هذه الحروب بالوسائل الشرعية التي علّمنا هي ديننا، ولا ندّعي أن مواجهة الدولة بالسلاح طريق الهزيمة للمحاربين الخارجين، كما زعم الرئيس هادي، بل نحن جميعاً مدعون لمواجهة الأخطار والعمل على إطفاء الشر قبل اتساعه، وإلا حينها سنقول لكم: "لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم".
د. عبد الله بجاش الحميري
الحروب..قراءة في أخطرها 1281