لا أدري على وجه التحديد ما الذي يريده الحوثيون، ولا إلى أين يريدون أن يصلوا بحركتهم وباليمن عموماً!
فحتى هذه اللحظة يخوض الحوثيون حروباً عبثية، ليست في مصلحتهم كحركة وليست في مصلحة الوطن اليمني، وهي بالتأكيد ليست في مصلحة المنطقة من المنظور العام.. والغريب والمريب في حروب الحوثيين التي يشعلونها ويقودون إليها «جحافلهم» من فينة إلى أخرى، أنها غالباً ما تأتي متزامنة إما مع حدوث انفراج معين في المشهد السياسي اليمني، أو مع حدوث تقدم للجيش اليمني في مواجهته لتنظيم القاعدة.
في السابق أيام حكم علي عبد الله صالح، ملأ الحوثيون الدنيا ضجيجاً حول مظلمتهم، وأنهم إنما يريدون أن يعيشوا بسلام وأن يكون لهم ما لليمنيين من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات، في ظل نظام حكم عادل.. ومع رحيل علي صالح، بمساهمة لافتة من الحوثيين من خلال مشاركتهم في الثورة السلمية، ظل الحوثيون يرددون الأسطوانة نفسها.
دخل اليمنيون مؤتمر الحوار الوطني، وتنازلت قوى سياسية يمنية كبرى عن جزء من حصتها إرضاءً للحوثيين، ليشاركوا في العملية السياسية، وبالفعل دخلوا الحوار وكانوا شركاء في كل لجانه المختلفة، واستمع الناس إلى آرائهم وأطروحاتهم، بل وفرضت رؤاهم في بعض القضايا، وخرج الجميع بوثيقة مؤتمر الحوار الوطني، التي كان يفترض أن تشكل بداية مرحلة جديدة من العمل السياسي.
لكن الحوثيين دشنوا مرحلة جديدة من فوضى الحروب في مختلف مناطق الشمال اليمني، وخصوصاً تلك التي تحيط بالعاصمة صنعاء، دون أن يقدموا لنا تبريراً واحداً لهذا العبث، ولهذه الحروب التي لا طائل من ورائها.
استغل الحوثيون في أحايين كثيرة انشغال الدولة في مواجهة القاعدة، وانشغال القيادة السياسية اليمنية في ترتيب الأوضاع تمهيداً للسير في طريق إنزال مخرجات الحوار الوطني على أرض الواقع، كما استغلوا الشرخ الذي حدث بين القبائل اليمنية في الشمال، وخصوصاً «حاشد»، فجهزوا جحافلهم وشنوا حروباً في اتجاهات عدة لم يكتب لأي منها النجاح التام، ولا حتى نصف النجاح، ومع ذلك ما زال الحوثيون يفجرون الحروب انتقالاً من منطقة إلى أخرى.
ينبغي على عبد الملك الحوثي إن كان عاقلاً، أن يراجع سياسة حركته وأن يعي يقيناً أنه بالقوة لن يحقق نصراً ولن يكسب مشروعية، وعليه أن يدرك أنه كلما زج بجحافله في جبهة ما، تراجعت قدرته على الصمود وازدادت صورته تشوهاً.
البيان الإماراتية
علي الزكري
الحوثيون إلى أين؟ 1342