;
د. ضياء العبسي
د. ضياء العبسي

الإقصاء الطبي 1504

2014-05-26 14:08:22


يقول الله تعالى "لَيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أليماً".

ويقول عز وجل "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَاب ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هذا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وذكرى لِأُولِي الْأَلْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ".

تمارس التكتلات السياسية في نطاق الإدارة العامة الإقصاء الطبي للتخلص من كل من لا ينتمي إليها أو يرتبط بها بمصالح متقابلة ومنافع متبادلة، وهو نوع من أنواع الإقصاء الأمني ، وذلك من خلال محاولة اكتشاف الأمراض التي يكون قد أصابت الموظف العام، وهو امر يتعارض مع الشريعة الإسلامية باعتباره المصدر الأساسي للتشريع ، ومع المبادئ الدستورية العليا والدستور والقانون لأنها تؤدي إلى الحرمان والتمييز والإقصاء في نطاق الإدارة العامة، ذلك أن الشريعة الإسلامية لا تجيز التعلل بالمرض للإقصاء أو الاستبعاد أو التمييز أو الحرمان من الحقوق، والنصوص في ذلك صريحة واضحة لا تحتاج إلى الاجتهاد أو التفسير, فهي ترى في المرض ابتلاءً وتطهيراً ، ولا ترى فيه حرج بل بالعكس قد يكون مصدر إبداع وطريق تميز وتفرد للموظف في مجال عمله ، فاذا كان الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان مرة واحدة في كتابه فقد كرم الإنسان المريض مرتين لابتلائه وصبره فهو أفضل من غيره.

وقال تعالى "وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وذكرى لِلْعَابِدِينَ".

وفي اللجوء إلى الإقصاء الطبي في إقصاء الرئيس مرؤوسه والزميل زميله, تملص وتهرب من التزام قانوني تحدثنا عنه في مقال سابق عن التأمين الصحي، وإعلاء للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة ولانتماء الشلة على الانتماء للوطن وتفضيل جماعة المنفعة على مجموع الشعب والأمة، وخروج عن نطاق الوظيفة العامة إلى ما خارجها وتجسس على زميل وتدخل في مجاله الشخصي وانتهاك لخصوصيته، حتى أن البعض من الموظفين لا يحبذون اللجوء إلى التأمين الصحي خوفاً من أن يكون مكشوفاً أو يستخدم في وقت لاحق لإقصائه من وظيفته أو سلب حقوقه أو تقييد حريته، رغم ضعفه ورداءة الخدمة الطبية التي يقدمها، وهو في هذه الحالة يكون قد تحول إلى وسيله أمنية أكثر من كونه خدمة طبية وبدون استحياء ولا خجل نجدهم يقولون إن إصابة الموظف بمرض "يكون في الأصل تافهاً غير مؤثر وشائع بين الجميع في دولة نامية" سببٌ في حرمانه أو إقصائه أو سلبه لحقوقه ،ويلجأون بعد ذلك للمبادلة أو الوساطة أو الرشوة أو استغلال النفوذ لمعالجة هذا الأمر، فيكون المرض في هذه الحالة الذي هو في الأساس لا حرج منه بنص شرعي ودستوري وقانوني وسيلة للارتزاق، فمن من الناس لا يصاب بمرض، بل يتعدون إلى أبعد من ذلك عندما يعدون الشعر الأبيض في رأسك، أو تجاعيد وجهك، محاولين البحث بعدسة مكبرة عن أمراض تكون وسيلة لارتزاقهم.

إن الإقصاء الطبي بهذه الصورة وسيلة للحفاظ على أموال" المثلث"، فلا تذهب لغير أبنائه من أبناء الوطن، لتظل أموالهم تدور في دائرة واحدة لا تخرج عنها والمرض بهذا التوضيح لا يجوز من الناحية الدستورية أو القانونية أن يكون سبباً لقرار إداري غايته الإقصاء والتمييز والاستبعاد والحرمان من الحقوق، وقد يكون الإقصاء الطبي جريمة مساهمة إذا كان هناك طبيب مساهم في إفشاء أسرار مهنته، وتترتب عليه أثار خطيرة اذا ما استغله زميل أخر لاضطهاد زميله، وشكلوا بذلك فريقاً لإقصاء زميل لهم لأنهم شركاء النعيم والفساد، بينما هو أسير الحرية والكرامة والعدالة والمساواة لجميع بني الإنسان دون إقصاء أو تمييز.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد