حمل اللواء عبده حسين الترب هموم هذا الوطن وقضايا منتسبي وزارته- أثناء حضوره أمس جلسة مجلس النواب المخصصة لاستجواب حكومة الوفاق الوطني- متأبطاً أحلام شعب أرهقته الفوضى والمحسوبية والصراعات الطائفية والحزبية المقيتة..
الترب شخصية محترمة جداً ويحظى بتأييد شعبي منقطع النظير؛ إذ أنه أتى في مرحلة كان المواطن فيها بحاجة لمن يرمم نفسيته المتهالكة بفعل الانفلات الأمني المريع وحالة الفوضى التي أتت على كل شيء جميل في هذا البلد ولذلك فإن أعضاء المجلس أثناء إلقاء كلمته أنصتوا إليه بشكل غير معهود البتة ربما لم يسبق لهم أن فعلوها مع وزير داخلية من قبل، لعل ذلك الإنصات حسب تقديري جاء نتيجة لعديد قضايا تطرق إليها الوزير وجعلها محاوره الرئيسية؛ أهمها تعثر القوانين التي رفعتها وزارة الداخلية إلى المجلس في العام ٢٠١٣ والتي يشكل بقائها في الأدراج عاملاً أساسياً في كبح جماح الأجهزة الأمنية أثناء ملاحقتها للجريمة، والمتمثلة بقانون مكافحة الإرهاب وقانون حمل وحيازة السلاح, إضافة إلى قانون حماية رجل الشرطة، تلكم القوانين الثلاثة التي مازالت حبيسة المجلس ولم يبت فيها إلى اليوم، الأمر الذي يعمل على تكبيل رجل الأمن أمام مهامه الأمنية خصوصا حين يرى زملائه خلف قضبان السجون بعضهم محكوم عليهم بالإعدام وآخرون بديات مغلظة والغالبية العظماء ما يزالون في انتظار مصيرهم المجهول أمام قضاء لا ينظر إليهم على أنهم أفراد أم كانوا يؤدون واجبهم في النقاط أو في تخوم هذا البلد المتآكل حد السقوط..
الغريب أن الوزير في هذه الجلسة لم يظهر مدافعاً عن شخصه كما فعل غيره ممن تواجدوا معه في ذات الجلسة بل فتش في هذا الفضاء الملبد بغيوم الحيرة عن إنصاف لرجل الأمن الذي يتقاضى راتباً شهرياً لا يكفي لشخص واحد فضلاً عن أسرة بكاملها يعولها هذا الجندي كما نَفَضَ الغبار عن قضايا الجرحى الذين عجزت الوزارة عن تأمين علاجهم وتطبيب جراحاتهم التي نزفت دفاعاً عن تربة الوطن الطاهرة, متسائلاً في نقطة أخرى عن غياب النص القانوني الذي يجرم الانتماء إلى التنظيمات الإرهابية أو التعاون معها أو التستر على أحد أفرادها وهذه في نظري تعد إشكالية ربما تؤدي إلى انهيار معنوية رجل الأمن خصوصاً حين يرى القضاة يفرجون عن المقبوض عليهم دون عقوبة.
كما أنه طرح وبحرقة قضية النهب التي تعرضت لها وزارة الداخلية أثناء أحداث ٢٠١١ وما رافقها من استيلاء على الأطقم والمعدات والمعامل وأجهزة الاتصالات غير أنه بدى منتشياً وهو يسرد ما حققته الأجهزة الأمنية خلال الشهرين الماضيين؛ إذ تحدث عن إلقاء القبض على ٩٠٪ من مرتكبي الجرائم وإحباط عدد من العمليات قبل تنفيذها, إضافة إلى الإفراج عن مختطفين بُعيد ساعات من اختطافهم وصولاً إلى ما تحقق أخيراً من ضبط لــ٤٥ عنصراً من تنظيم القاعدة الذين ينتمون إلى جنسيات غير يمنية..
كثيرة هي القضايا التي تحدث عنها الوزير غير أنني أهرقت هنا ما علق بذهني منها, متمنياً أن تأتي الأيام القادمة بما يعيد ترتيب تكويننا النفسي خصوصاً إذا ما قام مجلس النواب بواجباته الوطنية وأفرج عن تلك القوانين الأسيرة متخلياً عن المماحكات الحزبية التي جرَّعت الوطن السم الزعاف.
عدنان القحطاني
الترب في مجلس النواب 1037