الشارع بيئة تمتلئ بالشائعات يغذيها أصحاب المصالح وهواة الاضطرابات والمعاناة, فالاستقرار في فلسفتهم عودتهم إلى الجحور وبداية العد التنازلي لمشروعهم العبثي, لذلك يظلوا يعزفون على آلام الناس ومعاناتهم همسا أو جهرا أو إيعازا للحمقى والمغفلين وهكذا دواليك, ويستمرون في استنفاد طاقات الناس وصبرهم ليرتفع سقف المعاناة ومعه يتولد السخط والإحباط وتزداد مساحته وتأتي النهاية مؤلمة لغياب الوعي بخطورة مشاريع أصحاب المصالح ومروجي الفتن والإشاعات.
اليوم يحاول الحمقى بإصرار مسبق أن يستدعي هاجس الجرع ليصيب المواطن بمقتل ويزيد من آلامه على خلفية الصورة التي ظل يكرسها النظام السابق في ظل فشله في اداراة تلك الاختلالات الاقتصادية ومعالجتها بطريقة عبثية لا ترقى الى أبجديات الاقتصاد, ولذلك ظل طوال سنوات بقائه يعتمد على الجرع الى أن أصبحت الوسيلة الأكثر احتمالا لمواجهة أي اختلالات اقتصادية.
ويصبح المواطن عرضة لتلك الشائعات والأباطيل والأكاذيب الممنهجة التي يسوقها أعداء التغيير من خلال الإعلام المظلّل, بكل أدواته المتاحة, رغم علمهم حجم التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق، وما يتطلبه الظرف الراهن من تعاون الجميع، من أجل غدٍ مشرق ويمن مزدهر، وهذا لن يتم إلا بشراكة كل القوى السياسية الفاعلة، دون إقصاء أحد، وعلى قاعدة اليمن الواحد الذي ينبذ السلالية والمناطقية بكل أشكالها.
ورغم أن الحملة الحالية التي يديرها مصاصي دماء الشعب بجميع تصنيفاتهم لن تهدأ أو تكف مادام جرح الاقتصاد نازف ويدر عليهم موردا اقتصاديا, تظل قوي الشر تتطلع لتصبح مشاركة في الحل مستقبلا رغم تلطخ يديها باختناقات المواطن ومعاناته, موقف الدولة اليوم كان واضحا ومساندته من الكثير من منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وخاصة الإصلاح الذي أكد على صعوبة الوضع المعيشي للغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني، وما تمر به البلاد من ظروف معقدة في الجانب الأمني والاقتصادي، توجب على الحكومة البحث عن بدائل أخرى والتي منها إزالة الأسماء الوظيفية الوهمية من أجهزة الدولة المختلفة، ووضع الآليات الصحيحة لتحصيل الجمارك والضرائب القانونية، وكذا مكافحة عملية تهريب المشتقات النفطية، خاصة وأن التجربة الماضية في الجرعات أثبتت أن الغالبية الشعبية الفقيرة من المواطنين هي التي تحملت أعباء وكلفة تلك الجرعات السعرية.
حاجتنا اليوم ليست في وصفة سحرية حتى ننهض من سبات القطرنة والسماع لعشاق الأسطوانات الموسمية (الانتخابات) ما نحتاجه اليوم هو الالتفاف حول الوطن ونشكل حزاما من الوعي حتى نضع حداً لهذه الأراجيف التي تستهدف هدم معنوياتنا وتفتت وحدتنا في وقت نحن في أمس الحاجة إليها.
د. عبدالحكيم مكارم
الجرع أثبتت فشلها والمواطن البسيط من يتحمل أعباءها 983