من حق الشعب اليمني أن يتساءل عن انتقائية نظام هادي في التعامل مع الجماعات المسلحة، ومن حقه أن يبني مواقفه على ما يفهمه من مثل هكذا تصرف، فقد ظل ينتظر استعادة نظام هادي لمحافظة صعدة، بعد استعادته لمحافظة أبين عام 2012م، إلا أن جماعة الحوثي ضمت محافظة عمران وأجزاء من محافظات أخرى إلى محافظة صعدة، ومع ذلك ذهب نظام هادي مجدداً إلى مديرية المحفد بمحافظة أبين وإلى مديرية ميفعة بمحافظة شبوة، وقبل ذلك إلى قرية المناسح بمحافظة البيضاء، وتفيد الأخبار بأن نظام هادي سيتوجه مجدداً إلى محافظة البيضاء، بحملة عسكرية بعضها خرج من محافظة صعدة التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، لإخراج أنصار الشريعة من المحافظة التي لا يسيطرون عليها أصلا.

لقد وضع هذا السلوك حرب هادي على تنظيم القاعدة في سياقات لا تخدم هذه الحرب أولا ولا تخدم البلد ومصالحه العليا ثانيا، والمساندة الشعبية التي يضخمها الإعلام، والرسمي منه على وجه التحديد، لن تغير المعادلة على الأرض ولن تغير قناعات كثير من الناس تجاه هذه الحرب. فغض نظام هادي الطرف عن جماعة الحوثي، رغم سيطرة الجماعة على محافظتين وعلى أجزاء من محافظات أخرى في الشمال، وضع الحرب في سياق طائفي أثار حفيظة السنَّة كثيرا، والسُنَّة هم الأغلبية، في شمال الوطن وجنوبه، ولهذا فشل هادي ووزير دفاعه عندما أرادا إشراك أبناء محافظة شبوة في حربهما الأخيرة رغم ما حققاه من نجاح في ذات القضية قبل عامين بمحافظة أبين.

 كما إن مجيء هذه الحرب بعد زيارة قام بها عدد كبير من القادة العسكريين اليمنيين إلى واشنطن، بينهم وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة، وضعها في سياق غير وطني، لهذا وجد هادي نفسه مضطرا للحديث عن الأغلبية الأجنبية في صفوف قاعدة اليمن، ليعطي الحرب بعدا وطنيا، وهو ما حرص الإعلام الحربي الرسمي على تأكيده في تغطيته للمواجهات الأخيرة بمحافظتي أبين وشبوة، حيث ظل ينشر أخبارا عن القتلى الأجانب في صفوف تنظيم القاعدة بشكل شبه يومي، رغم نفي التنظيم ذلك وتأكيده على أن معظم أعضائه يمنيون.

 تجدر الإشارة إلى أن خوض الحروب بذريعة الأجانب ماركة مسجلة باسم جماعة الحوثي، كما حدث في منطقة دماج بمحافظة صعدة وغيرها، ومن المؤسف أن تلجأ دولة إلى ذرائع مليشيات مسلحة.

وفي الأخير يلزمنا التأكيد على أننا مع الوطن فعلا، وضد كل الجماعات المسلحة الخارجة عن الدولة، وضد الانتقائية في التعامل مع هذه الجماعات، للأسباب التي تحدث عنها هذا المقال.