مما لا شك فيه أن من التركة الثقيلة والعبء الكبير الذي خلفه ذلك النظام القديم من بعده لا تقل خطورة وفتكاً من حيث تأثيرها السلبي والمباشر على مجتمعنا كونها قد تضمنت وبكل آسف من الأفكار والمفاهيم المغلوطة وتجذرت وتفشت وعشعشت في ذهن عقلية مواطنينا ولمدة حكمه لثلاثة وثلاثين عاماً في وسطنا الاجتماعي والذي أسفر عن هذا في النهاية أن قلبت موازين الحقائق رأساً على عقب وصار كل منا يعيش في تخبط أعمى وبعشوائية مفرطة مست بانعكاساتها في اختلال سلوكياتنا وأخلاقياتنا وقيمنا وأضحينا أسيرين خاضعين ومستذلين لذلك النظام الأسود البغيض ميتين الإحساس أي بمنعى وباختصار شديد دمر وقتل كل ما يحمله في دواخلنا من أحلام ومشاعر وحبنا بالحياة وبالمستقبل وصرنا بهذا السبب غير مبالين في نفس الوقت خاصة ما يتعلق بالوطن وبقضاياه الرئيسية والمصيرية لذا مما يستلزم علينا هنا وأشد على هذا الشيء أن نعيد مراجعة حساباتنا وبالتفاته جادة لإعادة ترتيب بنية مجتمعنا من جديد لنقضي بدورنا وما تولد عن هذا التوجه من نتوءات شوهت وجه المجتمع والوطن ومما يذكر من ضمنها وهي الأخطر وجود طبقات طفيلية استحوذت على خيرات البلاد ناهيك عن استشراء صناع الفساد والمفسدين والمتاجرين بقضايا الشعب من سماسرة وغيرهم من الوصوليين والمنتفعين وهو ما يجب حالياً أن نلتفت أيضاً نحو العمل على إزالة النعرة الطائفية والعصبوية القبلية والذي كان الحكم الدكتاتوري والمتمثل في علي عفاش يعتمد على هذه الصراعات طيلة حكمه ليضمن بقائه في كرسي السلطة لفترة أطول من العمر وهو ما تسنى له ولأطول فترة حكم بها البلاد والعباد لشدة قبضته الحديدية في استحكامه من السيطرة المطلقة على مقاليد أمور البلد أيضاً ومن متطلبات الواقع الجديد وهو ما يدعونا إليه العمل من أجله التغيير الجذري ووضع المداميك الكفيلة ليساعد مجتمعنا على الانطلاقة مستقبلاً دون توقف في مسار بناء حضارته وتقدمه وازدهاره وخلق وإيجاد الأسس والأجواء المهيأة من الظروف الموضوعية لخلق علاقات إنسانية تسودها المحبة والإخاء والتقاني من أجل خدمة هذا الوطن في وسطنا الاجتماعي إيجاد القدوة الحسنة في تركيبة بنية النظام السياسي القادم والقائم على دولة التكنوقراطية العمل على تكثيف الوعي عن طريق إعلامنا المرئية والمسموعة والمقروءة ولا ننسى هنا أن الأخذ بعين الاهتمام بالعدالة الانتقالية وإعادة كل ذي حقه دونما مواربة والالتزام المبدئي بثوابت العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية واسترجاع ثروة البلاد ممن سلبوه في ظل غياب الدولة القانونية وذلك تطبيق كل ما تضمنه الدستور القادم ويدعو إلى القضاء المستقل بحيث يسهل علينا إقامة مجتمع لا ظالم ولا مظلوم.
وبهذا نكون قد حققنا التوازن الاجتماعي وأوجدنا في كيان المجتمع من إعادة استقامته والمبني على النفس السوية وقضينا على النفوس المشوهة بفضل هذا التوجه والمصداقية في تعاملنا مع التغييرات المطلوبة بحسب تداعيات المتغيرات بما تفرضه المرحلة.. والله الموفق.
حسين الانسي
حقائق تفضح نفسها 1014