ملايين القلوب شاركت إخواننا في القوات المسلحة والأمن في توجهها لقتال الخارجين على الحكومة، والتي أباحت شعبنا للأجنبي لينتهك سيادته تحت مبررات محاربة الإرهاب، فأمتنا قد غلت وزاد غليانها ضد هذه الجماعات الخارجة على الشعب هنا وهناك، والتي قضت على الأمن وتقتل العساكر وتدمر البنية التحتية كالغاز والكهرباء، وتدمر القرى وتهدم المساجد والمدارس، وقام شعبنا بالتذمر من هذه الجماعات التي لا تخدم إلا أعداء الدين وأعداء الوطن وكل صاحب عقل وطني يتألم ويقطر دم قلبه ألماً لما وصل إليه شعبنا..

 بيد أن عقول ولاة الأمر في الرئاسة ورئاسة الوزراء ومجلس النواب لم يدرسوا شن الحرب على جماعة القاعدة الخارجة على الدولة بدقة ولم يلتقوا بأهل الحل والعقد لوضع خطة متكاملة وموسعة للقضاء على كل هذه الجماعات الفئوية والمناطقية والطائفية، والخارجة على الشعب جماعات تفجير الكهرباء والغاز، جماعة الحوثي التي تقاتل في الميدان وتزحف نحو المدن بجيوشها وجماعة القاعدة التي كان للنظام السابق دور في دعم كيانها وتقويتها.

 ولا شك أن العشوائية والتفرد بالقرار، في المواجهة ستطيل أمد الحرب وستتيح لباقي الخارجين التمدد وللقاعدة طول العمر، وسنخسر كثيراً من المال والعتاد والرجال، بسبب هذه المواجهة غير المحسوبة وغير المخطط لها إلا بالتهييج الخارجي بقصد إضعاف كيان الأمة وتفرد الدولة بدخول الحرب وقرارها باستنفار الجيش والأمن ووضعه في فوهة أسلحة الخارجين دون دراسة وخطة ومشاورة للأمة وأهل الحل والعقد يوقعنا في حرج ويجرؤ أعداء الشعب في الداخل والخارج للعمل على بقاء أمننا مختلاً تعبث به هذه الفئات، نحن نعيش في ظاهرة وضعت عقولنا في عقول حكامنا دون نظر ولا تخطيط ولا دراسة لماضي الخارجين، وكيف تواجدوا وما هي الطرق التي وصلوا منها، وكيف تكونت هذه الجماعات وما الطرق التي يجب أن نسلكها بعقول جماعية لإيقافها فقد أعطينا الحاكم التصرف المطلق لإدارة الأحداث أو هكذا وضع الحاكم نفسه وأهمل جميع مكونات الشعب وعقلائه من أخذ المشورة، ومن هنا يخسر شعبنا في كل يوم نتيجة التفرد بالقرار، وهناك العقول التي تتفطر وهي تدرك الأمور لا يعاد إليها مع أنها تعرف طريق الخلاص، لكن من يستشيرها ويعمل برأيها ويقبل منها، وهي ليس بيدها حل وعقد فنحن بحاجة لإعادة تقويم ثورتنا التي ثارت من مستبد لتأتي بمستبد آخر يستعين بسلفه المستبد ولا يعتبر للثورة ولا للشعب ولا للكفاءات وأهل الدراية والخبرة أي اعتبار.