*ثمة شكوك عدة مبنية على مؤشرات عديدة تتنامى يوماً بعد آخر, وثمة تشكيك متوالٍ يتصاعد بالتوازي مع تفشي تلك الشكوك ومبناه قراءات وتحليلات بل وشهادات شهود ومعلومات مصادر معتبرة, لكنها ما تزال دون الدلائل القاطعة وإن ارتقت لما فوق القرائن وما يضاهيها فيما يتعلق بأهداف الحرب الدائرة في محافظات "شبوة وأبين والبيضاء" بين الدولة اليمنية ممثلة بقوات الجيش والأمن الحكومية وعناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذين يطلقون على أنفسهم "أنصار الشريعة" وذلك ضمن جولة جديدة من جولات الحرب على الإرهاب التي ولا شك بأن هذه الجولة قد حصلت على أوسع دعم شعبي داخلي غير مسبوق وعلى أعرض وأكبر اصطفاف محلي يساند الدولة والجيش في دحر الإرهاب ودك معاقله على طريق استئصال شأفته بعد أن عاث في البلاد والعباد فساداً في الأرض وإجراماً وإرهاباً, قتل واغتال وجرح المئات وروع الملايين بجرائمه الدموية من ميدان السبعين واقتحام مجمع العرضي والسجن المركزي بصنعاء إلى اقتحام المناطق العسكرية الثانية بالمكلا والرابعة بعدن ومروراً بجرائم قتل الجنود في مواقعهم بشبوة وأبين والبيضاء ومأرب وحضرموت ووصولاً لاغتيال مئات الضباط والقادة في شوارع العاصمة ومعظم مدن ومراكز المحافظات والمديريات بالإضافة لجرائم التنظيم في حق ضيوف اليمن من الأشقاء والأصدقاء من دبلوماسيين وسيّاح وأصحاب أعمال من دول عديدة ما عكس حجم التأييد الإقليمي والدولي للحكومة اليمنية في حربها على الإرهاب ويتجلى هذا الدعم في القرار الأممي 2140 ـ تحت الفصل السابع الذي اعتبره وزير خارجية بريطانيا وليم تيج الشهر الماضي أقوى مؤشر على المساندة الدولية في الحرب على الإرهاب..
*وعودٌ على بدء فإن الرئيس/ عبدربه منصور هادي قد أعلن يوم أمس الخميس أثناء ترؤسه لاجتماع اللجنة الأمنية العليا بأن الحرب على الإرهاب والمعركة مفتوحة ودعا الجيش لحملات تطهيرية و هذا ما يشير لاستمرار المعركة بصورة مفتوحة في خضم الدعم و التأييد والمساندة الشعبية في الداخل والإقليمية والدولية في الخارج, وقد بدا ذلك جلياً في مواقف مختلف تلاوين الطيف السياسي اليمني وعموم الفعاليات الاجتماعية والمنظمات المدنية التي أمطرت مختلف وسائل الإعلام خلال الأسبوعين الماضيين بمئات التصريحات وعشرات البيانات المؤيدة للرئيس والحكومة والقوات المسلحة والأمن والتي عبرت عن اصطفاف وطني عريض في معركة مجابهة الإرهاب و دحرة ـ كما عبرت عن المساندة المطلقة للمؤسسة العسكرية والأمنية وعن إحياء روح الإجماع الوطني والثقة بالجيش لاستعادة الدولة و هيبتها ونفوذها من خلال استعادة الأمن والاستقرار واستتبابه بعد سنوات من الفوضى والعبثية الناجمة عن الأزمة السياسية وما خلفته من انقسام مجتمعي وانهيار اقتصادي وتدهور أمني وفوضى عارمة أتت على الأخضر واليابس وانزلقت من خلالها البلاد إلى انفلات في الأمن يتجاوز الانفلات الأمني, ناهيك عن وصول البلاد لشفير الفقر الحاد وشفا الجوع وانهيار اقتصادي حاد وصل لحافة الإفلاس بعد أن أعلنت قيادات حكومية بارزة صعوبة تمكن الدولة من صرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين مضافاً إلى ذلك قطاعات الطرق وانقطاعات الكهرباء وأزمات المشتقات النفطية وتوقف المشاريع الاستثمارية وشحة الموارد..
*وغير بعيد عن المعركة الدائرة في شبوه وأبين والبيضاء وعن إعلان الرئيس أمس عن كونها حرباً مفتوحة ومع استمرار الدعم والتأييد الواسع والعريض للجيش والأمن في مواجهة عناصر الإرهاب, لا بد من التوقف أمام بعض من الشكوك ولا بد من الوقوف على تلك التشكيكات أو "التشكيك" المتنامي حول الأهداف والأجندة الرسمية لقيادة الدولة والجيش من خوض هذه الحرب وما إذا كانت هنالك أجندة معلنة وأخرى خفية وعن خلفية المكان والزمان والحشد والتمويل لهذه الحرب وعن آثارها وما يترتب عليها وعن الدور الخارجي الإقليمي والدولي فيها وعن النفقات والصفقات المبرمة داخلياً وخارجياً وعن السلاح وتكديسه في معسكرات ومحافظات بعينها وصولاً لحقيقة المعركة وما يدور من مواجهات على الأرض وعن الخسائر المادية والبشرية في صفوف الجيش والأمن وعن الآثار الإنسانية والخراب والدمار وما لحق بالسكان المحليين وعن خسائر الإرهابيين في الحرب.. كل تلك الأسئلة وغيرها باتت مطروحة اليوم في ظل غياب الشفافية والمعلومة والمكاشفة ومع غياب الناطق العسكري ومؤتمرات الدفاع الصحيفة والاكتفاء بالبيانات و الصور والمعلومات الرسمية عن المواجهات والمحصورة في مكتب وزير الدفاع وإعلامه فقط..
*لست هنا بصدد التشكيك بالقوات المسلحة والأمن وقادتها من الوزير إلى آخر جندي, بل أجزم قطعاً بتأييدهم وبتأييد معركتهم وبوجوب دعمهم ومساندتهم في مواجهة الإرهاب والشر, لكني هنا أدعو الرئيس هادي وقيادة الجيش والدفاع والأركان لمزيد من الشفافية والوضوح ولمكاشفة الشعب بالحقائق عن المعركة ونتائجها وبتمكين "الميديا" الأهلية في الداخل ورجال الصحافة والإعلام من مختلف الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية وكذا مراسلي وسائل الإعلام الخارجية من الحصول على المعلومة والوصول بأمان وحماية إلى مناطق الأحداث والمواجهات لاطلاع الرأي العام المحلي والخارجي أولاً بأول, وكغيري من الصحفيين المهتمين فقد وقفت على بعض ما يثار من الشكوك والتشكيك في حقيقة المعركة وأهدافها وشد انتباهي تساؤل للزميل الصحفي/ نبيل الصوفي حول أهداف الحملة وتلاه اطلاعي على أطروحات عدد من الناشطين والإعلاميين من توجهات عدة و كذا ما طرحه متخصصون في شئون القاعدة والإرهاب وسبق لي الحديث مع الأستاذ/ سعيد عبدالله الجمحي وعبدالرزاق الجمل ومع المحلل العسكري/ محسن خصروف ومع غيرهم آخرين وأطلعت بالأمس على مقاربات وأطروحات السياسي والصحفي/ أحمد الصوفي ـ سكرتير رئيس الجمهورية السابق ـ كما أن ما ورد في مقابلة الشيخ/ صالح بن فريد العولقي من أبرز مشائخ شبوة ووادي الصعيد ومن وجهاء اليمن عموماً والجنوب تحديداً كونه رئيس تحضيرية مؤتمر الجنوب الجامع وذلك ضمن حواره مع يومية "أخبار اليوم" أمس والزميل/ إبراهيم مجاهد ـ كل تلك الشكوك والتشكيك "كوم" وما طرحه الشيخ/ بن فريد "كوم" من معلومات حول ما يحدث من حرب وصفها بالعبثية في منتهاها وما أورده عن الأكاذيب والتضليل وعن أرقام قتلى القاعدة وعن تمويل الحرب وعن المآسي وصولاً إلى تحذيره من "نكش عش الدبابير" والتي تزامنت مع وصف سكرتير الرئيس السابق للحرب بأنها "حرب أشباح" قد تصل إلى كل مدينة وربما كل بيت وإذا ما ربطنا كل ذلك بإعلان الرئيس هادي الحرب المفتوحة فإن من الواجب علينا دعوة الرئيس للمكاشفة ولوضع حد لكل التساؤلات ولمعلومات التشكيك ولقرائن الشك والتحليل واعتقد أن الرد العاجل على ذلك يصب في صميم النصر للجيش والأمن ـ لأن الشعب يريد المكاشفة أيها الرئيس!! والله المستعان..
محمد عبد الملك القارني
عُش دبابير..وحرب (أشباح) مفتوحة!! 1282