إذا أردت أن يكون لك أصدقاء فلابد أن تكون صديقاً لنفسك، وأن تضعها في الموضع الذي يجعلها أهلاً للصداقة والعون. وهكذا هو شأن الشعوب والأوطان في كل العصور والأزمان.
وشكراً لمن يسمون أنفسهم بالمانحين وأصدقاء اليمن، فقد أثبتوا في اجتماعهم الأخير، كما أثبتوا في اجتماعاتهم السابقة قدرتهم على ترحيل المواعيد (الكريمة) من عام إلى عام، ومن مرحلة إلى مرحلة، وأنهم بتلك المواقف يؤكدون أن لا أصدقاء لبلادنا ولا مانحين إلاَّ أبناءها، وفي هذه الحالة نقول: "إن الشعب اليمني قادر على أن يعول نفسه وأنه لو كان يعتمد على وعود أصدقائه لكان قد انقرض منذ سنوات".
وفي مقدور أبناء هذا الشعب أن يعتمدوا على أنفسهم دائماً وتحت كل الظروف وأن يدركوا بعد هذه التجربة الطويلة أن في بلادهم من الثروات والإمكانات ما لو أحسنوا الحكم وإدارة شؤون اقتصادهم لكانوا من أكثر شعوب الأرض ثراءً ورفاهية، وإن في البحر الذي يلتقي على ثلاثة أرباع مساحة البلاد ما يكفي لدفع اقتصادنا إلى أعلى المستويات لو توفر الحد الأدنى من الحزم وحسن الإدارة وسلامة السلوك.
ولا يجب في كل الأحوال أن ننسى أن بلادنا سائبة، وعرضة للسلب والنهب وأن أبناءها المختلفين في ما بينهم على قشور السلطة قد انصرفوا منذ وقت طويل عن قراءة الواقع وتلمس مشكلاته الحقيقية، وتفرغوا للخصام السياسي والتناحر على الكراسي التافهة التي يحكمون من فوقها شعباً يشحت لقمة العيش، ويفتقد لأبسط مقومات التطور والبناء.
وفي دوامة هذا الصراع الذاتي المقيت لم يعد أمامهم إلاّ الاستجداء وانتظار ما سوف يقدمه المانحون من صدقات تؤجل ساعة إعلان الإفلاس الشامل. وآن لهم، نعم آن لهم، أن يعودوا إلى الواقع وإلى عقولهم وأن يعيدوا النظر فيما جرى ويجري، ولا ينبغي، بل لا يجوز، أن يعلّقوا شماعات الخلاص من التخلف والانهيار الاقتصادي على الآخرين، وأن يتذكروا أقوال أكبر دولة منضوية تحت مسمى أصدقاء اليمن ومانحيه، وهي الولايات المتحدة بأنها لن تستطيع تقديم شيء لليمن وأن دورها يقوم على إقناع جيران اليمن بمساعدته، ولا يكاد يختلف الأمر كثيراً مع بقية الدول الصديقة المانحة!.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدول الأوروبية الغنية هبت لإنقاذ الاقتصاد اليوناني والإسباني والبرتغالي بمئات المليارات في أيام ولم تنتظر حتى تحدد هذه الدول احتياجاتها أو تقديم برامج محددة لصرف المليارات، وما يقال من أن الوزارات المختصة في بلادنا لم تقدم الملفات الخاصة بالاحتياجات الضرورية ما هو إلاّ ضرب من التهرب، فحاجة هذه البلاد أوضح من أن يحددها تقرير أو برنامج، وكان المطلوب عاجلاً من الدول المانحة، إن كانت صادقة ومانحة فعلاً، أن تتولى إصلاح المرافق العامة للدولة، كالكهرباء والمستشفيات والطرقات ومرافق التعليم العام والجامعي وتطوير الأرياف، وأن تتولى كل دولة مانحة الإشراف على النفقات، وعلى نجاح المشروعات الجديرة بالدعم والعون، وفي ذلك كله ما يخفف من الضغوط الاقتصادية التي بسببها تنشأ بقية المشكلات التي تعاني منها البلاد وتتحول إلى أزمات سياسية وأمنية.
وما أرغب في تأكيده في نهاية هذه الإشارات أن بلادنا ليست فقيرة مادياً ولا بشرياً وأن فقرنا هو في اختلافنا وفي جهلنا، وفي غياب المشروع الذي يتكاتف الجميع على إنجازه، ثم في ركوننا على الآخر، وانتظارنا لوهم المساعدات والقروض، وإذا ما استمر هذا هو حالنا فإن شيئاً ما في الواقع لن يتغير إلاَّ نحو الأسوأ، وسنجد أنفسنا في وقت قريب وقد خسرنا هذا الحد الأدنى من مستوى المعيشة ومستوى التعايش، وسيكون من الصعب على العقلاء أو من تبقى منهم إدارة شؤون بلدٍ أعداؤه هم أبناؤه والضالعون في تخريبه وتمزيق نسيجه الوطني الواحد، وهم من كان وما يزال يؤمل في أن يصونوه ويعملون على تخليصه من مشكلاته الراهنة والارتقاء بشعبه والنهوض بإمكاناته ومقدراته لتفي باحتياجات الوطن وأبنائه.
الأستاذ أحمد عبدالرحمن السماوي في أحدث كتبه:
لا أخفي إعجابي بما يقدمه- الأستاذ أحمد عبدالرحمن السماوي للمكتبة من كتب الرحلات. وما أحوجنا إلى أن نعرف العالم عن قرب، وأن نتعرف على حياة الشعوب الاجتماعية والثقافية، ومدى ما حققته من تطور في ميادين الحياة.
ومن أحدث كتب الأستاذ- أحمد صدوراً كتاب "رحلة إلى مدينة القارتين إسطنبول" وكتاب "كنت في الجنة التي فُقدت من أبينا آدم، اندونيسيا"، والكتابان صادران عن مركز عبادي للدراسات والنشر.
تأملات شعرية:
لا خلاص لكم أيها اليمنيون
خارج هذي المساحة
من كوكب الأرض، لا بالقروض الطويلة أو بالمعونات
أو بالوعود السخيةْ.
الخلاص هنا:
في عقول الرجال
وما في بطون الجبال
وفي البر والبحر
وهو هنا: في الزنود القويةْ.
د/عبد العزيز المقالح
لا أصدقاء لليمن ولا مانحين! 960