إن القوى المتخلفة صاحبت المشاريع الضيقة دائماً تدخر قواها وفكرها إلى زمن ترهل الدول وتستعين بالدعم الخارجي والأفكار أكانت خيرة أو شريرة..
لا تعمل من ذات نفسها مالم يوجد من يحملها وينشرها في الواقع وأن وصول قوى سلالية أو مناطقية إلى السلطة بقوة السلاح ولا تمتلك مشروع جمعي حضاري غير مشروع العنف سيمثل ذلك كارثة على البلد حاضراً ومستقبلاً وسيجر البلاد إلى ما هو أقبح من الصوملة والعرقنة قد تتمكن تلك الشذارم من التسلق إلى السلطة لكنها عاجزة عن السيطرة وليس لديها القدرة على إدارة أي بلد بغير العنف والتخريب..
وشواهد التاريخ كثيرة فقد سقطت الدولة الرسولية التي اشتهر سلاطينها بالعلم وحب العلماء وطلاب العلم وشيدوا الكثير من المدارس وزودوها بالمكتبات التي حوت عشرات الآلاف من الكتب في مختلف صنوف العلوم والمعارف والفنون وشيدوا القصور الفخمة حتى أصبحت مدينة تعز الرسولية عاصمة للعالم الإسلامي ولجأ إليها الكثير من العلماء بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة في يد التتار المغوليين سنة656هجرية ثم دمشق أهم مراكز الحضارة الإسلامية في تلك الفترة..
نعم سقطت الدولة الرسولية في يد الطاهرين بعد أن عمرت ما يقارب 230سنة ثم سقطت الدولة الطاهرية ومن ضمنها مدينة تعز في يد تتار ومغول ذلك العصر بقيادة الإمام المطهرين يحي ومن معه من القبائل البدوية المتخلفة الذين لا يقيمون وزناً للحرية والإنسانية والكرمة في سنة1534م واستدعي مطهر بن يحي وآلي صعدة الفقيه يحي بن إبراهيم النصيري وكلفه ببناء سور حول مدينة تعز وكيف ما كان الأمر فقد عمد الفقيه إلى هدم المدارس الرسولية والقصور والمكتبات والآثار وبناء بأحجارها السور المتبقية أثاره حول المدينة وهذا هو أكبر وأعظم منجز قدمه مطهر لسكان تعز حيث كان يوجد أكثر من ثلاثين مدرسة وأكثر من عشرون قصراً في المدينة وتم إتلاف آلاف الكتب العلمية الثمينة والنادرة والعبث بها ثم جاء القائد علي بن الشويع وأثار القضايا المذهبية بتعصبه..
وكانت المرحلة الثانية مصادرة الأوقاف الكثيرة التابعة لتلك المدارس وإتلاف الوثائق الخاصة بها ولم يتبقَ من تلك المدارس حتى اليوم ليشهد على عظمة تلك الدولة الا المدرسة الأشرفية والمظفر والمعتب (المعتبية) وقد تم النيل منهما في عهد الإمامة إلا أنها صمدت أمام تلك الاعتداءات والتشويه والإهمال المتعمد واليوم يقوم الصندوق الاجتماعي بترميم ما تبقى من تلك التحف المعمارية الفنية الفريدة الرائعة.
محمد سيف عبدالله
مغول الشمال! 1024