سنة الله في الحياة ألاَّ يعيش فيها ولا يفلح إلاَّ الرجل العامل، بل ولا يأكل رزقه إلاَّ الرجل العامل، وحتى أصحاب الشهوات والمبادئ الأرضية لا بد لهم من عمل يحصلون من خلاله على ما يريدون، فكيف بالمسلم العابد لله عز وجل؟!
إن صاحب المؤسسة الخاصة والعمل الشخصي لا يريد أن يوظف لديه إلاَّ الرجل العامل المنتج، والتقارير ومعايير الكفاية لديه مرتبطة بالعمل الذي يقدمه والإنتاج الذي يحققه، ومدير الدائرة الرسمية هو الآخر لا يريد إلا الموظف العامل، ومعايير التقويم الرسمية وغير الرسمية لديه أيضاً مرتبطة بعمل الموظف وما يقدمه، ولا نزال نسمع أن فلاناً المسؤول أو فلاناً المدير، حين انتقل من دائرته أو من شركته اختار بعض الموظفين في مكتبه لينقلهم معه، والسبب في ذلك أنه أدرك أنهم عاملون جادون، فهو يريد رجلاً عاملاً يعينه ويعتمد عليه.
فالعمل هو مطلب الجميع ومعيار التقويم، بل حتى في تاريخ الأمم أيضاً، فالأمم إنما ترتقي وتفلح بالعمل والإنتاج، وأي أمة سطرت لها تاريخاً سواءً أكانت حضارة مرتبطة بدين سماوي قامت به على هداية الناس، أم حضارة مادية ارتفعت بها على الناس في دنياهم، فأي أمة دخلت التاريخ لم تدخل التاريخ إلاَّ من بوابة العمل. وفتّش في صفحات التاريخ فإنك لن تجد فيه مكاناً لأمةٍ من الكسالى أو غير العاملين، اللهم إلاَّ أن تجد لها صفحات من الذم، والحديث أنها كانت ضحية للمتآمرين والطامعين.
فعلينا أن نسعى جميعاً لنعمر الأرض، ونستفيد مما سخّره الله لنا فيها ، ونأخذ بأسباب القوة في كل ميدان ، ونعمل جاهدين على أن نسد حاجة أمتنا ، ونوفر طلباتها ، ونحررها من كل تبعية واستجداء ، وأن ننطلق لنضرب في الأرض ، ونبتغي من فضل الله ما يغنينا ويعفنا ويصوننا عن الحاجة ، ولنكون أصحاب يد عليا تكسب وتنفق وتعطي وتتصدق وتعمر وتنشر الخير .
أحمد الفهد
دعوة إلى العمل 1005