يؤثر العامل الأمني تأثيراً بالغاً على الأداء الأكاديمي في الجامعات اليمنية، وهو عامل له جذوره العميقة منذ إنشاء جامعة صنعاء عام 1970م، ولم يختلف أو يقل تأثيره بعد الوحدة العام 1990م سوى أن الأمن أصبح موزعاً بين أحزاب شتى لا استراتيجية موحدة له يصارع بعضه بعضاً ويحمي مليشيات في إطار دولة ناشئة نامية فقيرة يقوم اقتصادها على معونات الجيران.
سرعان ما تم التخلص من قيود الديمقراطية وبناء دولة حديثة في اليمن التي فرضتها الوحدة وبالتحديد بعد عام 1994م وما بعد لتعود السيطرة الأمنية على المرافق التعليمية من جديد وبنفس الأسلوب, تقمع الطلاب وتحارب العلماء وتحافظ على فكر نظام ديكتاتوري لا يعي معنى الدولة ولا يفهم واجباتها وحقوق أبناء المجتمع.
عندما يأتي زملائنا الآمنين إلينا ويطلبون المساعدة في المجال الأكاديمي يتعاملون معنا بمنتهى الود, لكن سرعان ما يعلنون أنهم الأحق والأولى بالمناصب الأكاديمية حتى ولو لم تنطبق عليهم المعايير الأكاديمية، إنهم حماة الوطن حماة المرافق العامة.
ولكن ممن يحمون هذه المرافق الأكاديمية؟ وهؤلاء الأكاديميين المدنيين أليس هم مواطنين أيضاً يحمون هذا الوطن وهم الأجدر والأولى والأخبر بحماية مرافقهم الأكاديمية.
ضف إلى ذلك أساليبهم الأمنية المؤثرة بلا شك على إدارة المجالس الأكاديمية، وعلى معايير اختيار شاغلي المناصب الأكاديمية في هذه المرافق، كما أن القصور في تحقيق الشروط الأكاديمية لتولي المناصب الأكاديمية في هذه الكلية يجعلهم مع كثرة عددهم يستبدلونها بمعايير أمنيه، فيتركون كل الشروط العلمية والقانونية ويتحدثون عن شروط شكلية غير ذي قيمة يستطيعون تحقيقها في ظل عجزهم عن تحقيق النوع الأول من الشروط.
إن التأثير الأمني لبعض الأكاديميين الامنيين في الجامعات الأمنية قوياً ويؤثر بفاعلية على الأداء الأكاديمي ليس لهم فقط ولكن لزملائهم من المدنيين لأنهم عجزوا عن تقمص شخصية الأكاديمي ولأسباب عديدة منها الازدواج الوظيفي وتأثيرهم على مصدر القرار بشكل يخل بالتوازن بين قوتهم وقوة زملائهم المدنيين وأسباب أخرى تتعلق بالبيئة والمجتمع كعنصر الرعب التاريخي.
كما أن هذا التأثير لا يؤثر فقط على الأداء الأكاديمي ولكن على مستوى الحقوق والحريات التي يتمتعون بها من حيث النقص والزيادة له أو لزميله في إطار كلية مدنية واحدة.
إن المشكلة الأساسية التي تحقق هذا التأثير الفاعل هو عدم قدرة بعض الأكاديميين الامنيين من التخلي عن العقلية الأمنية ولعب دور الرجل الاكاديمي وهذا الأمر يلقي بظلاله على أسلوب تسيير المجالس الأكاديمية، فيستخدمون أساليب الإيحاء وأساليب أمنية تتعلق بقراءات الإيماءات وتفسير النظرات وهي رموز لا علاقة لها بالعمل الأكاديمي مما يؤثر على صحة القرار الأكاديمي في المجلس، وهذا هو أساس انعدام الثقة بينهم وبين زملائهم في إدارة المرافق الأكاديمية التي من المفترض أن يكونوا فيها أكاديميين غير أمنيين.
د. ضياء العبسي
تأثير العامل الأمني على الأداء الأكاديمي 1555