يعاني أبناء ابين من تعنت وزير المالية صخر الوجيه كما يقولون ومماطلة وزارته في صرف القسط الثاني من مبالغ إعمار المحافظة بعد الأحداث المأساوية التي مرت بها المحافظة بداية العام 2011م ، وربما تصل إلى سيادة الوزير معلومات مغلوطة ومضللة عن صندوق الإعمار وهي الجهة المنفذة لإعادة إعمار المحافظة وما رافق عمله من أخطاء وتجاوزات في فترات سابقة، وقد يعتمد أيضاً على تقارير الأجهزة الرقابية دون أن يكلّف نفسه عناء النزول للمحافظة ومشاهدة معاناة المواطنين بأم عينيه، ولعل من المناسب هنا عرض بعض مآسي المواطنين في زنجبار حتى يكون على إطلاع قريب على الحقيقة كما عشتها وشاهدتها بنفسي من بداية الأحداث وحتى الآن.
مرت محافظة أبين خلال تاريخها بالكثير من المنعطفات والنكبات، ولكنها لم تمر بنكبة قاسية مثلما حدث لها من سيطرة جماعة أنصار الشريعة المرتبطة بالقاعدة على مدينة زنجبار في يوم الجمعة 27 مايو 2011م ، وقبل ذلك بحوالي شهرين تقريباً سيطرت الجماعة على مدينة جعار وتحديداً في يوم السبت 26 مارس 2011م، وقد كان لسيطرة أنصار الشريعة على أبين آثار مؤلمة ومخيفة على سكان المحافظة ، حيث تقدر الأمم المتحدة أعداد النازحين جراء الحرب في أبين والتي استمرت أكثر من عام بنحو 170 ألف نازح، فروا من جحيم الحرب إلى المدن المجاورة، حيث لجأ بعضهم إلى مدارس حكومية في عدن واتخذوها مخيمات للنازحين. والبعض نزح إلى محافظة لحج، ورغم ارتفاع إيجارات العقار في عدن إلا أن نازحي أبين والذين ليس لهم أهل في عدن اضطروا إلى الاستئجار هناك، رغم تكلفة العقار وضيق الحال في تلك الفترة العصيبة، حيث خرجت معظم الأسر من زنجبار بأسرهم فقط، ولم يستطيعوا أخذ أي شيء أخر من ممتلكاتهم، بل أضطر بعضهم إلى بيع سياراتهم وذهبهم من أجل أن لا يترك أطفاله في العراء!! .
وقد كان الوضع في عاصمة المحافظة زنجبار في ظل سيطرة جماعة أنصار الشريعة وضعاً صعباً وسيئاً للغاية، حيث تحولت المدينة إلى مدينة أشباح بعد نزوح السكان منها وتدمير مبانيها بسبب استخدام القاعدة لأسلوب حرب العصابات، ودك قوات الجيش المدينة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وبسبب تلك الحرب الظالمة والغير معروفة الأسباب، فقد شردت أسر ودمرت بيوت واستشهد كثير من الأبرياء من أبناء المحافظة دون أن يعرفوا سبب تلك الحرب، ولم يكن إخوانهم في مدينة جعار بأحسن حالاً منهم، فقد أصبحت الحياة في مدينة جعار لا تطاق بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وعدم توفر المواد الضرورية للحياة من مواد غذائية وكهرباء وغاز، بل حتى قوالب الثلج أصبحت شيئاً نادراً في تلك الفترة، ويظل أهالي المدينة يبحثون عنها ليطفئوا لهيب صدورهم الحارقة بسبب حربٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل!.
أن فاتورة تكلفة الحرب في أبين باهظة الثمن، ورغم كل الحلول و الترقيعات إلا أنها لن تعيد للأسر ذويهم الذين فقدوهم، وراحة البال والطمأنينة التي كانت سائدة في أبين قبل سنوات، ألاف الأسر شردت ومئات المباني دمرت وعشرات المزارع أحرقت وأصبحت خراب، بل تشير بعض الدراسات أن الأمر يحتاج لسنوات حتى تعود الحياة الطبيعية لمحافظة أبين.
ورغم كل تلك المآسي التي مرت بها المحافظة طوال عام كامل، إلا أن الأمل مازال يحدو المواطنين في المحافظة، من أن الحكومة ستعمل على المساهمة السريعة في عودة الحياة الطبيعية للمحافظة، وتعويض سكان زنجبار التعويض العادل وإعادة أعمار المحافظة بصورة عاجلة، والاهتمام بعودة ما تبقى من النازحين في عدن والذين دمرت منازلهم بصورة كاملة. ورغم كل الأعمال والجهود التي تبذلها السلطة المحلية ممثلة بمحافظ المحافظة الأستاذ- جمال العاقل لإعادة أعمار المحافظة وتعويض مواطني أبين جراء تلك الحرب الظالمة، إلا أننا نرى أنها جهود غير كافية إذ لم يتكاتف جميع أبناء المحافظة لحل مشاكلهم بالتعاون مع السلطة المحلية، لأن الخطر لم ينتهي بعد وسيتحطم بتكاتف الجميع سلطة ومواطنين .. هذه بعض وجوه المأساة التي يعاني منها أبناء أبين نضعها بين يدّي الوزير الإنسان- صخر الوجيه وموقنون بأنه لن يخيّب ظنهم به.
زياد المحوري
مأساة أبين بين يدّي وزير المالية! 1192