يطلق الحراكيون على أبناء المحافظات الشمالية بـ(المحتلين) ويطالبون – وفقاً لذلك– بالاستقلال عنهم.. وهناك قيادات سياسية وعسكرية كبيرة كانت تحكم الجنوب يلوكون هذا المصطلح وكأنهم مقتنعون بصدق ما يقولون.
وبالطبع ذلك جهل بحقائق الأشياء والجاهل لا يعي ما يقول.. ونندهش مذهولين حين نسمع مثل هذه الأطروحات ممن كانوا يحكمون الجنوب.. فنصاب بالغلب لأن مثل هؤلاء الجهلاء كانوا حكاماً يسمع لهم ويطاع!
إن من غير المنطق وصم الشماليين بالمحتلين وهم لم يحتلوا الجنوب، بل السلطة الفاشلة في الجنوب هي من ساقته إلى الشمال طواعية عام 90م وبقناعة رسمية وشعبية عارمة لا ينكرها إلا جاحد.. ولكن حين اختلفت المصالح السياسية بين (ناهبي) الشمال(وساحلي)الجنوب أصبح الشماليون بقدرة قادر محتلين!!..
المحتل في العرف السياسي هو من يطغى على دولة ذات سيادة ويحتلها بقوة السلاح وتصبح جميع مفاصل السلطة بيده تماماً كما كان الاحتلال البريطاني للجنوب، أما أن يدخل الجنوب بكامل قناعته ورشده في وحدة اندماجية مع الشمال، وحين تسقط رموزه بإرادة شعبية في أول انتخابات وصفت بالنزيهة فلا يقبلون بنطق الديمقراطية فيحولوا هزيمتهم (ديمقراطياً) إلى ثورة للجنوب ضد الشمال ويصبح الشمال محتلاً للجنوب وتغلب الحقائق رأساً على عقب، فهذا مالا يقبله عقل عاقل..
ولكن يبدو أن التربية العلمانية التي ترسخت في تجاويف الأدمغة تجعل أصحابها يسمون الأشياء بغير مسمياتها، ويحولون خصومتهم إلى (فجور) فيفقدون التوازن القيمي وهم يجهرون بالأكاذيب الوقحة دون حياء، وذلك وافتئات على الحقائق وسقوط مريع لم يسبق له مثيل.
أنا هنا أتحدث عن مصطلح (الاحتلال) وعدم جوازه في الحالة اليمنية، أما المظالم التي لحقت بالجنوبيين من سلطة الشمال والجنوب معاً – حينها – فلا أناقشها أصلاً، لأنها قضايا حقوقية يجب أن تحل، ويجب أن يسود منطق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع دون تمييز، وذلك شأن آخر.. ولكنني أعجب أشد العجب لجرأة هؤلاء الفاقدون للتوازن حين يمارسون المبدأ الميكافيللي (الغاية تبرر الوسيلة) ويغيرون معايير المنطق السليم وبصوت عال دون وجل، وهذا ما يثير الاستغراب!!.
في منشور أحدهم في الفيس بوك نشر مقولة هتلر (أشد الناس مقتاً عندي من ساعدوني على احتلال بلدانهم) ويريد إسقاطه على من يرفضون تسمية الشماليين بالمحتلين.. ألا ترون أنهم حتى في إسقاطاتهم فاشلين!!
فمقولة هتلر إذا أسقطت على الحالة اليمنية فهي أشد انطباقاً على قادتهم الذين ارتموا في أحضان الشمال حين سقط حليفهم الروسي وأصبحوا في مهب الرياح.. يا قوم .. متى ترعوون؟!.
منصور بلعيدي
الحراك..حين يفقد لياقته!! 1277