في نهاية إحدى المقابلات سأل المذيع في قناة يمنية ضيفه " المتنفذ الكبير, الشيخ الملياردير" .
ماهي أمنيتك الأثيرة , ولِمَ لم تحققها بعد ؟
أجاب: أتمنى أن يأتي يوم أستطيع فيه التنزه في شوارع صنعاء, بأمان منفرداً, دونما حرس, ولا سلاح ..!.
كان جوابه صدمة لي, وهو آخر شيء توقعت سماعه منه ..!
هو بإمكانه أن يطير على جناح كبار المسافرين, ويحط في أي عاصمة من حواضر الدنيا, ويتمتع بالسير على طرقاتها منفرداً ..على ضفاف نهر الدانوب, الراين, على حافة الشانزليزيه, على سور الصين العظيم ..على تلال هولندا الخرافية الجمال ..!
ويستطيع بأمواله أن يقطن أفخم الفنادق, ويأكل في أرقى المطاعم ..فلماذا ينافس فقراء الوطن على أمانيهم ؟!.
هذه الأمنية يا سيدي هي متعة الفقراء اليتيمة على أرض الوطن, وقد حرموا منها بفضل البعض ..!
أضحى التنزه في أمسيات الصيف, وأضحيات الشتاء في طرقات العواصم فرصة أكيدة للتعرض للنهب, أو الموت..!
طلقات نارية تشعل الفضاء فجأة دونما مقدمات, وتحصد روحاً بريئة !
وصوراً أخرى تتكرر في كل محافظة ..!
لم يعد التنزه ممتعاً لنا ..
فالمجاري تطفح بسبب تردي البنية التحتية ..!
القمامة تملأ جوانب الطريق, وتفسد الهواء بسبب تمرد عمال النظافة, أو تراخي مسئول النظافة بسبب غياب الرقابة, أو ضعف الإدارة المحلية ..!
ويلزم المواطن البائس بيته ليعيش مع الظلام بؤساً من نوع آخر.. الصيف حار ولا يجد شربة ماء بارد.. بقايا الطعام تفسد في الثلاجة لطول مدة انقطاع الكهرباء..!
أبنائه يرسبون, يتدنى مستواهم العلمي.. كيف يذاكرون في الظلام ؟!
يستقل سيارته المنهكة من السير على الشوارع الترابية, لتقف به في منتصف الطريق.. لا يوجد وقود.. البعض يحتجزه في بقعة ما من هذا الوطن البائس ببعض بنيه..!
حتى المطر غاب؛ ربما بسبب الانحباس الحراري, الذي سببه كثرة المولدات الذي جاء بها هذا البعض ليقتل فينا حتى فرحة المطر ..!
أمنيات أثرياء الوطن, ومتنفذيه هي كل ما يملكه فقراء هذا الوطن, وقد سلبهم إياه هؤلاء البعض ..!
ويبقى أثرياء الوطن المنكوب ببعض بنيه بائسون رغم ثرائهم, وينافسون الفقراء على الأشياء البسيطة المسروقة ..!.
نبيلة الوليدي
أمنيات الأثرياء..أحلام الفقراء المسروقة...! 1583