المواطن اليمني الكادح, ضاق بالمظالم وبالظلام والجوع والعطش ذرعا, ولم يسلم من كل ذلك بل أضافت له الصراعات عمراً جديداً من الألم, هكذا بالفعل نبدو حاضرا مشوها يبدي لنا سوأة مستقبل تبدو معالمه مرعبة في وطن كلنا نرتجي له الأمان رغم كيد الكائدين الذين مازالوا يسيرون على نعوشنا بالرغم من أننا أحياء, لكننا أشباه بشر".
وكأننا غير مكتوب علينا أن ننعم بلحظات سكون وطمأنينة وحياة ككل البشر وكأننا غير مكتوب علينا أن يزورنا حتى فتيل فرحة باهتة! ولا ندري إلى متى ستظل الأدخنة تغطي وبكثافة كل بارقة ضوء تريد أن تعبر إلينا بسلام دونما حواجز وأخاديد ملطخة بالموحل وإلى متى سيظل الصبر العظيم يشاركنا هسيس هذا النبض الآيل للاحتضار؟
إلى متى سيظل المواطن اليمني يدفع ثمن أخطاء الساسة, مزيدا من الصبر والكد واحتمال سوء الأزمات المتلاحقة والحرمان من أبسط الخدمات الأساسية التي من أهمها الكهرباء وشربة الماء والتي- ورغم مرور 52 سنة على عمر الثورة السبتمبرية- لازالت معجزة كبرى عند حكومتنا الرشيدة التي جعلت أحلامنا بسيطة لا تتعدى شربة ماء ورغيف خبز يابس.. صرنا فقط مرتهنين لساحة صراعات ولمتصارعين يتنافسون وبضراوة على من يطيح بالوطن أكثر ونحن من ندفع ثمن أخطائهم مزيدا من الصبر والموت والدم المسفوك؟
فيبدو أننا سنظل طويلا تحت منحنى اللا إنسانية والولاء للوطن ولا ندري كم سنحتاج من أزمان أخرى كي تنتقل بلدنا لمرحلة النمو الخالي من الجهل والعصبية الأولى مادامت عقليات الحروب هي المسيطرة وتطفو على سطح الأحداث السياسية الراهنة ويدفعون بواقعنا ألأزماتي إلى أشده بتعنت وغلظة لا حدود لهما والشاهد على ذلك أزماتنا التي مازالت تتلاحق يوما بعد آخر.
تُعساً لنا, فكلما ارتجينا واقعا يخلو من اكتظاظ المآسي ومن عويل البؤس وأصوات النواح نتفاجأ بواقع أشد مرارة وسفك لأحلامنا البسيطة.. وكل الأطراف السياسية تسعى كي تكسب وتستفيد من الوطن بينما لا يريدون أن يفيدونه في شيء لا من حيث إحساسهم بالمسؤولية في نواياهم وأعمالهم وتصرفاتهم ولا من حيث أنهم تركوه وشأنه بعيدا عن أطماعهم وافتعالهم للتعقيدات والخبائث, بمعنى لا هم رحموه ولا هم تركوا رحمة الله تشمل البلاد والعباد.
ما هو حاصل أن المتاجرة بمآسي الوطن والمواطن المقهور هي التي تفرض نفسها على واقع الأحداث وبالتالي التعمد بزج المواطن في أتون الأزمات المتوالية والنكبات المتلاحقة بات واضحا جدا ولا يخفى على أحد إنما ما يخفى علينا هو موقف الحكومة البائس من كل عذابات المواطن هذه وإعلان عجزها التام وشللها المعيب أمام كل ما يمر المواطن الذي أعطاها ثقته يوما ما ولم يجنِ من هذه الثقة سوى الخذلان المبين إنما لصبره حدود وفي النهاية ليس كل صبر جميل خصوصا مع حكومة فاشلة فاقت حدود الصبر والتحمل .اعتقد أن اليمني البائس أيضا يتحمل الكثير من المسؤولية بتصديقه لهم وتنفيذه لهم وإتباعه لهم وكأنه مسحور أو مخدر أو مربوط على عقله من الوعي و التفكير ..إنما للصبر حدود.
عظيم هو هذا الشعب اليمني الصابر وشامخ وأبي بكل صبره وكده وأنينه وتوقه لأن يعيش يوما كريما مصانا.. عظيم أنت أيها اليمني بسمرتك ونحولك وغبنك وهمومك ونظرة الذبول التي تحاصر تقاطيعك وبوجهك المُنهك والمنغمس في تعاريج الهم وأخاديد السنين الغائرات ..
بوح الحرف ::
عبثٌ أن تتحول الأماني إلى حصى ورماد يخنق ملامحنا الذابلة. يحاصرنا النحيب ويحصرنا في قمة الأرق حتى أخمص الاكتئاب.. عبثٌ أن نحيا على وهمٍ ونصحو على واقعٍ عبثي ماجن, نلملم فتات ما تبقى لنا من ذبول ومن رمق آيلٍ للاحتضار .
سمية الفقيه
وهل كل صبر لدينا جميل؟ 1359