(1)
تابعّنا عبر وسائل الإعلام العربية المختلفة المسرحية الهزلية التي شهدتها الجزائر مؤخراً والمتمثلة بإعادة انتخابات الرئيس المُقعد على كرسي الإعاقة الحركية " عبد العزيز بوتفليقة" والذي أذهلنا فوزه بولاية رئاسية رابعة .. وكشفت عن حقيقة بعض الشعوب العربية الأسيرة للأنظمة الاستبدادية والقمعية والديكتاتورية العاجزة...
(2)
" عبد العزيز بوتفليقة" مواطن جزائري مثله مثل بقية المواطنين يحق له الترشح حسب الدستور والقانون، لكن الرجل في حالة مرضية يرثى له ومُصر على البقاء في السلطة لسنوات قادمة..
(3)
كنا نعول على وعي الشعب الجزائري في أن يقول كلمته التاريخية الفاصلة لا لاستمرار المهزلة، إلى هنا وكفى، وأن يدلي بصوته لمرشح يثق فيه الشعب وأن يضرب لنا نحن العرب مثال في التغيير السلمي والديمقراطي، لكن للأسف خيب آمال الكثير من المتحررين من شعوب العرب وهم أغلبية كبيرة ومنح بوتفليقة الفوز بولاية رئاسية رابعة وهو على كرسي الإعاقة، ومن يعلم قد تأتي الانتخابات القادمة ويترشح الرجل وهو في غرفة العناية المركزة ..وعلى فراش الموت..
(4)
من حق الجزائريين أن يختاروا من يمثلهم في إدارة شئون بلادهم لكن انتخاب رجل منتهي الصلاحية أساء لهم كثيراً فهل يعقل أن الجزائر التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 30 مليون لا يوجد فيها رجل قادر على قيادة البلاد غير بوتفليقة.
(5)
إن العملية واضحة تماماً فالعيب ليس في الأنظمة بل في الشعوب العربية التي تحتاج إلى تغيير حقيقي .. فهي من تصنع الفاسدين والطغاة والمستبدين ... الشعوب العربية تسقط أصناماً وتصعد أخرين .. ففي مصر مثلاً خرج الشعب المصري العظيم يوم الـ25 من يناير ضد نظام العمالة والخيانة والفساد والاستبداد المباركي وتم عزل حسني مبارك خلال 18 يوماً فقط وأجريت انتخابات برلمانية ورئاسية حرة لأول مرة تشهدها مصر منذ سبعينيات القرن الماضي نتج عنها وصول أول رئيس مدني إلى سدة الحكم الرئيس الإخواني " محمد مرسي" لكن عشاق الاستبداد وعبدة الطغاة لم تروق لهم التجربة الديمقراطية الوليدة فعملوا على وأدها وهي ما زالت في المهد صبياً ..وتمت الإطاحة بأول رئيس منتخب عن طريق الشعب وبانتخابات تنافسية حرة ونزيهة شهد لها العالم ..
وجاء مرسي عن طريق الصندوق ولم يأتِ على ظهر دبابة كما حصل في العراق العام 2003 أوفي ليبيا بعد الغزو الدولي للبلاد والإطاحة بالعقيد معمر القذافي...
(6)
لست منتمياً لجماعة الإخوان المسلمين ولا يشرفني الانضمام لأي حزب – مع احترامي للجميع- فانتمائي الأول والأخير لهذا الدين ولهذا الوطن العربي الكبير.. لكن الحق يجب أن يُقال: ما تم في مصر من عزل لرئيس منتخب من قبل الشعب هو انقلاب متكامل الأركان.
(7)
صحيح أن مرسي قد يكون غير مؤهلاً أو صالحاً للحكم وفاشل ولا يفقه بالسياسة شيء إلا إن طريقة عزله عن الحكم كانت خاطئة جداً.. فلماذا لا نتعلم نحن العرب من الشعب الفرنسي عندما غير الرئيس " نيكولا ساركوزي" عن طريق الانتخابات، وحرمه من الحصول على ولاية رئاسية ثانية وهو ربما الرئيس الوحيد في فرنسا الذي لم يترك قصر اللإيليزيه من الولاية الأولى..
خلاصة القول.. يجب أن نضع المداميك الحقيقة لدول عربية أكثر ديمقراطية .. يأتي فيها الحاكم عن طريق صندوق الانتخابات ويرحل عبره ..لا أن نظل نقوم بثورات وراء ثورات كل كم سنة نقدم من خلالها قتلى وجرحى وضحايا ابرياء وبالأخير نعود لنفس المربع من جديد.. وكأنك يا زيد ما غزيت.!.
موسى العيزقي
غيروا الشعوب يرحمكم الله 1351