إن الناظر بعمق إلى إدارة العالم اليوم سيجد لعبة التوازنات هي التي تدير العالم وهي تعتمد على قاعدة الترهيب والترغيب وأكثرها على الترهيب ،إن كلمة الإرهاب بمدلولها اللغوي الواضح لا تعني القتل والتفجير كما يصوره البعض، فالقتل خارج الشرع والقانون ليس إرهابا بل هو إجراما، أما الإرهاب فهو التخويف والرعب، وهذا ما تقوم عليه السياسة العالمية , فمثلا العلاقة القائمة بين أميركا وروسيا وأميركا والصين قائمة على ما يسمى بتوازن الرعب, كل طرف مرعوب من الآخر وهذه هي سنة المدافعة التي أشار إليها القرآن الكريم: " ولو ﻻ دفع الله الناس بعضهم ببعض.." ودول العالم تتسابق لامتلاك وسائل الإرهاب أو الرعب لتحمي نفسها من غيرها وهذا أمر مشروع عندنا في الإسلام قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به.. "إذاً الإرهاب قد يكون وسيلة ردع ودفاع إذا كان بيد عقلاء وقد يتحول إلى إجرام ، واستعباد للبشر كما تمارسه أميركا وروسيا و(إسرائيل)و...الخ
, فأمريكا تحكم العالم بالإرهاب وليس بالزهور وغصن الزيتون، أو القبلات والبسمات، فعلاقتها بالعالم اجمع قائمة على التخويف (الإرهاب) وخاصة العالم الإسلامي .
أعطني دولة لا تمارس عليها أميركا إرهابها، المستمد من قواتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والمعلوماتية، أتكلم عن الإرهاب، أما إجرامها فقد رأيناه في هيروشيما وناجازاكي في اليابان ورأيناه في أفغانستان والعراق وقصفها عبر طائراتها في بلاد المسلمين, ومنها بلادنا وانتهاك السيادة دون مراعاة لدساتير البلدان أو حتى ما يسمى بالقوانين الدولية وما يجري من قتل عشوائي بطائرات دون طيار ،هل مثل هذا القتل والإجرام يتم في الغرب مع من ثبت جرمهم؟ مستحيل ،ولكن يقصفوننا هنا في بلادنا بمجرد الاشتباه , ثم تتساءل أميركا, لماذا يكرهوننا؟ تريد أن نقدم لها التحية، ونهديها الورد، ونمنحها القبلات، على قتلها لنا!!
إن أمريكا ليست أكبر دولة إرهابية كما وصفها المفكر الأمريكي نعوم تشو مسكي فقط بل أكبر دولة ترتكب الإجرام في العالم.
ومثلها روسيا تمارس نفس الأسلوب وآخر إرهاب لها اقتطاع إقليم القرم(مسلم) من دولة ذات سيادة هي أوكرانيا، وأما إجرامها فقد رأيناه في أفغانستان والشيشان.
ومثلها دولة العدو الإسرائيلي التي أخذت دولة فلسطين بقوة الإجرام وبمساعدة الغرب ثم بنت لها قوة عسكرية واقتصادية ومعلوماتية لترهب العرب ،حتى لا يفكروا في إخراجها من أرضنا ،وفي المقابل تشترط أن أي دويلة في المستقبل للفلسطينيين يجب أن تكون منزوعة السلاح.
ولوﻻ أن أهلنا في غزة سعوا إلى إحداث توازن رعب من خلال تضحياتهم بالعمليات الاستشهادية ضد العدو، والروح القتالية التي تربوا عليها لما كانت غزة قائمة حرة وصامدة حتى الآن، برغم الحرب عليها من الأشقاء قبل الأعداء.
ومثال آخر في المنطقة، , إنها ايران التي تمارس عبر ما امتلكت من قوة إرهابها على دول الخليج ،تخيلوا أن حجم التبادل التجاري بين ايران والإمارات بمليارات الدوﻻرات برغم أن إيران تحتل جزراً إماراتية ولكن لأن إيران قوية فهي ذات رهبة في المنطقة ويتحاشاها الغرب منذ سنوات وهو يتفاوض معها بشأن مشروعها النووي ومع ذلك لم يفعل لها شيء، ولو انتقلنا إلى العلاقات القائمة بين الهند وباكستان عند استقلال باكستان, لو جدنا أن الهند كانت ترهب باكستان بل تحول هذا الإرهاب إلى إجرام في حق المسلمين الباكستانيين ثم هيأ الله الرئيس الباكستاني ضياء الحق رحمه الله الذي سعى لامتلاك القنبلة الذرية فأحدثت توازن إرهاب (رعب) بين الدولتين’ فحمى المسلمون أنفسهم من القوة الهندية .
بل وحتى مجلس الأمن الدولي الذي ليس له من اسمه نصيب يفرض قراراته بإرهاب قوة دول الفيتو وليس بقوة الحق والعدل .
فمن يمتلك أكبر قوة يكون أكبر إرهابي في العالم وربما أكبر (بلطجي) كما هو حال أمريكا.
ولا أحد ينكر أن الدكتاتوريين العرب يحكمون شعوبهم بإرهاب الدولة بما يمتلكونه من أجهزة قمعية وليس بقانون الدولة وقد يتحول الإرهاب إلى إجرام في حق المواطنين كما هو ظاهر في مصر وسوريا والعراق, فالمقتول هو الإرهابي والقاتل هو الولي الشرعي (فضح الله سره).
إذاً نستطيع أن نقول أن العالم قائم على سياسة الإرهاب فمن يمتلك قوة بمفهومها الواسع فهو من يمارس إرهابا لحماية نفسه أو فرض إرادته وسطوته وجبروته وظلمه على الآخرين، والوحيدون في العالم على مستوى الدول الذين ﻻ يجب أن يكونوا أقوياء هم المسلمون كي يظلوا مرهوبين وبقية القوى هم الوحيدون إرهابيون.
محمد بن ناصر الحزمي
لا تزعجونا..فالعالم قائم على الإرهاب 1272