لم يعد الإرهاب هو المسئول الأول لكل أعمال العنف التي تحدث اليوم هنا وهناك، وبالتالي ليس من المعقول أن نصف كل عمل عنف على أنه الإرهاب.
وذلك لأن الإرهاب أصبح في اعتقادي الشخصي مجرداً من مفهومه الصحيح، وصار بإمكان أي شخص اليوم أن يقتل أو ينتقم من أحد خصومه باسم شعار الإرهاب.
لا أنكر أن الإرهاب موجود اليوم على واقعنا المعيشي، لكن ما يجب أن ندركه جميعاً هو أنه يوجد اليوم ما نسبة وجوده أكبر من الإرهاب بكثير وهو: "توظيف الإرهاب نفسه ".
حيث بدأ توظيف الإرهاب منذ العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وكان يتم توظيف الإرهاب حينها بشكل أوضح مما هو عليه يومنا هذا.
إضافة إلى أن توظيف الإرهاب كان يحدث على المستويين العالمي والمحلي -داخل الدولة نفسها - ومازال كذلك.
فعلى سبيل المثال لو أخذنا دولة اليمن نموذجاً لتوظيف الإرهاب على المستوى المحلي، لوجدنا أنه ومنذ العقد الأخير من القرن العشرين قامت قوى قبلية ودينية وعسكرية باستقطاب جماعات إرهابية متطرفة تجاوز هذا الاستقطاب حدود اليمن الجغرافية وعملت هذه القوى على مساعدة الجماعات المتطرفة من أجل تصفية خصومها السياسيين من يختلفون معها في الرأي والفكر ليس إلا.
وكانت القوى القبلية والدينية والعسكرية تستند في تصفيتها تلك لخصومها باسم الدين والعقيدة.
واليوم وبكل تأكيد فإن هذه القوى الثلاثية في اليمن لا يزال لها صلة متفاوتة فيما ترتكب من أعمال إجرامية على الساحة اليمنية، ويخطئ من يظن أنها قوى بريئة من هذه الإعمال.
أما توظيف الإرهاب على المستوى الخارجي فيمكن أن نأخذ الولايات المتحدة الأمريكية عدوة الإرهاب الأشد حسب زعمها، مثال على ذلك.
حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية في حقيقة الأمر تحرص جيداً على أن توظف مصطلح الإرهاب لصالحها أكثر من اقتلاعها للإرهاب من جذوره.
فلولا توظيف الدولة الأمريكية للإرهاب لم كان لها حضور في الشرق الأوسط بالشكل الذي نراه اليوم، ولولا توظيف الإرهاب أيضاً لم استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تحتل بعض دول الشرق الأوسط، وتسقط أنظمة حكم البعض منها.
إذن يجب أن نعلم أن مفهوم الإرهاب قد خرج عن معناه الحقيقي وأصبح اليوم يوظف توظيفاً ممنهجاً من قبل دول المركز وبعض قوى النفوذ لأي بلد عالمي، حسب ما تراه كلا منها أن توظيفها للإرهاب بهذا الشكل سيحقق مصالحها الخاصة.
محسن فضل
توظيف الإرهاب.. 1249