في كل ناحية من نواحي النفس الإنسانية ملتقى بسيرة فقيد الوطن الغالي الرجل الاستثنائي والبطل الأسطوري والقائد الملحمي سليل التبابعة العظام الفلاسفة الحكماء القيل الكبير والسيد النبيل السميدعي (طارق بن سنان عبد الله أبو لحوم) ورحلته الدنيوية القصيرة معاني كثيرة تخاطب الإنسان حيثما اتجه إليه الخطاب البليغ من حياة الرواد والإعلام والصفوة وتلامس النفس والقلب والعقل والذوق الرفيع، وتثير فيها أقوى ما يثيره التاريخ البشري من ضروب المعاني واستلهام العِبَر والتأمل. قلّما تبلغها في سير الرموز التاريخية ومواقع البذل والفداء غاية.
لقد التقت فيه عوامل النخوة والمروأة والشهامة والشرف ففزعت به الشاعرية منزع الحقيقة ومنزع التخيُّل وحلقت في عالم اليقين الثابت والحكمة المطلقة وارتبطت بسلسلة طويلة من رحلة الخير والعطاء والبر والإحسان والفضل والنبوغ، ليشترك في تعظيمه شهود العيان وعشاق الأعاجيب والخيال، إذ تجلّت وراء الكرامات الربانية وسر العظمة الإلهام وسمات الأصالة والنبل ومكارم الأخلاق.
تلك الشخصية الموهوبة ذات الخصائص الفريدة والظاهرة العجيبة بما حملته من صفات كريمة ومواريث جليلة توحي بفهم عميق لحقيقة معدنه وجوهره وعلو شأنه وبُعد نظره وصفاء ذهنه وإخلاصه لأمته ودينه وأبناء مجتمعه والعمل في سبيل الخير والإصلاح وما ينفع الأمة ويحقق المشاريع الإنسانية لخدمة الناس.
هذا المحسن العظيم والفقيد الغالي عرفناه واسع الأفق, جمع ثقافة العصر وقِيم ومواريث آبائه في طهارة نشأته وعراقة أرومته ونقاء سريرته وتواضعه وزهده واجتهاده مع إيمانه وحظوته عند الله. ولاغرو فهو خيار من خيار من خيار.
وفي وداعه وافتقاده غصة وجرعة علقم مرارتها تملأ الحلق فتغيّر الطعم والذوق والصفو معاً.
إن فقده لَمريرٌ مرير وفاجعة تدمي القلوب وتقصم الظهور ولكن عزاءنا في بصماته المشعة وإنجازاته الواسعة ونهجه القويم وسيبقى ذكرى خالدة وقدوة ملهمة للأجيال على مر القرون والعصور ومثلاً حياً في سماء الوطن ولَنِعم عُقبى الدار.
عبدالجليل حمود أبوغانم
في وداع العمالقة وملهم الفلاسفة 1219