متى فقدنا الولاء للوطن ؟
عندما فرطنا العمل بكتاب الله وحرفنا ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) حينها فقد المواطن الحرية والتمتع بثروات البلاد, والفائزون بفقدان الولاء هم المسئولون وبعدهم التجار وبقية المتعلمين ونسبتهم إلى مجموع السكان قليل، وما هو الدليل أن كل من تقلدوا المناصب لديهم القصور والسيارات والحلي والمجوهرات وكل شيء جميل وغالي وثمين تتبع المسئولين.
الشعب اليوم يواجه قيادات وزعامات الأحزاب والجماعات لها أنصار، وتستقطب من العاطلين ومن المغرر بهم تعمق التفكك، قيمها السيطرة على المقومات والماديات ولا هم لها سوى السباق على السلطة بالتصفية والإقصاء والتخوين والرئيس مطالب اليوم أمامها بالمواجهة والحسم لأنه أمام قيادات بعقول المراهقين وتجار الحروب الذين يتاجرون بمصير وطن ومستقبل شعب وعلى الرئيس مواجهة من يقتلون من الضباط والجنود والمواطنين ومن يقومون بدمار البلاد، قيادات يتصدرون المواقف ويصنعون المشاهد والغزوات، يقتلون ويشردون الأبرياء، أين العقلاء ولماذا هذا الصمت؟ يكفي قتل ويكفي شهداء وكأن الرشد والمنافسة في كل ما يجري بينهم على نهج الدمار للشعب وللوطن وحصر حب اليمن في السلام الجمهوري للقيادات أثناء المراسم والاحتفالات وتحية العلم في المدارس للطلاب، هذا هو الولاء الموجود حالياً في اليمن، واقع مؤلم سقطت فيها بعض القيادات وحب الوطن عندها تحول إلى البسط والنهب والعبث بالثروة وتمزيق أواصر الإخاء والمحبة في المجتمع وبهذا التوجه تغيرت حتى المفاهيم عندهم ومن يعملون من شرائح المجتمع ويقدمون لهم الخدمات أصبحوا في نظر تلك القيادات مجرمون وهذه نظرية يأخذ بها الحراك المسلح في الجنوب مع بعض الجماعات وخاصة ما يدور في منطقة الحبيلين من غلق للمحلات منذ عدة شهور، من يوقف تهور المغامرين ومغامرتهم في اليمن السعيد الحزين في هذا الزمان، لقد فقدنا الولاء لليمن عندما ولينا الفاسدين والقائمين على شئوننا وهم غير مؤهلين وبدون أمانة أو ضمير وليس عندهم حب لليمن ولا يفقهون للتدابير وهم محسوبين على الأحزاب والجماعات ولقد فقدنا الولاء للوطن عندما تركنا شريعتنا وأخذنا من شرائع الآخرين ما يضرنا ويضر الوطن وسيسنا الدين وصلينا وصمنا وخدعنا الآخرين وقسمنا الشعب الواحد إلى فئات وأجناس وجماعات وعندما فرقنا بين الأماكن والقبائل بثينا الأحقاد والسموم وشرعنا للمواطنين الثارات وتمكنت تلك القيادات من أن تشرع لنفسها التجاوزات وانتقصنا من الأسر والأفراد وعندما وزعنا الرتب العسكرية والوظائف مجاملات وهبات والشيخ بالبطاقة والحبة والعسكر ولم نحل المشكلات في بدايتها وأممنا الممتلكات وورثنا ابن الوزير وزير, وابن القاضي قاضي وابن المدير مدير وابن المحافظ والشيخ وتم التعميم في اليمن على هذه الأفكار، حتى عندما لا نختار من المجرمين من يعاقب وإقامة الحد على الضعيف والمسكين، ويقوم النافذ في بلدنا من فرض الحبس والآداب والإتاوات, وفتحنا باب التسجيل لمن يريد الالتحاق بقاموس المشيخ بدون رعية أو عنوان, وفرقنا المجتمع إلى حمر عين ومسكين وحصرنا الرجولة بالفتى والذيب وتغاضينا في حارتنا وقريتنا عمن يقوم بارتكاب المخالفات ومن حوله مجرمين ومسلحين.
قسمنا المواقع للوجاهات وتم إباحة التهريب وإخفاء العوائد والبحث عن الفوائد وقسمنا الوظائف باسم القبيلة والمنطقة والمذهب والتعليم معاهد ومدارس وتحفيظ بنظر الأحزاب والجماعات والدولة تصرح وأخذنا نصف مرتب المدرس ولا ضرورة له أن يدرس وما أسهل الأستاذ أن يتحول إلى موجه في ظل منهجية الأحزاب ، لم نحاسب أي فاسد وتركنا الغش، أسلوب وواحد من البرامج والخاطف والقاطع للطريق هو الآمر وهو الناهب وجعلنا الرشوة والواسطة والمجاملة والغش والاحتكار والاحتيال والنهب واجب واستبدلنا الرجال الأوفياء والمخلصين بالأنذال والعملاء الذين يبحثون عن الريال والدولار من أمريكا والسعودية والدوحة وطهران ولو تم تدمير بها اليمن وخضعنا للباحثين عن الأهواء وساوينا الفضيلة بالرذيلة ولم نحاسب كل واحد من أين لك هذا؟ ومن أين اكتسبته- وخاصة المسئول- والفاسد والنافذ ومن يركب الحبة والصالون وقال أنا شيخ.
رضينا بالظلم ولم نقاومه تركنا القيم وعملنا على مغادراتها بقصد جمع المصالح ولو تعارضت تلك المصالح بما يضر الوطن والمواطن وما تجمعنا مع الأحزاب هي الانتخابات والمنافع وحصرنا القيادات من بكيل وحاشد ووزعنا المحافظات للمشايخ والشخصيات ومن يجد فن الخطابة والبحث عن العبارات وقسمنا الجيش ما بين الأشخاص وجعلنا أحقية الالتحاق بالكليات العسكرية ووزعناها هبات ونسب وعندما تأتي المنح توزع مجاملات لأبن البرادعي وابن السفاح تغير مفهوم الدخول للكليات ليس على أساس الحب والولاء بل إلى مفهوم الهيمنة والديولة عند الشباب الملتحقين في الكليات على أبناء الرعية والعمال ومن هم الأخدام.
قسمنا الدين ووزعنا بعدها الجوامع والمساجد بين الأحزاب والجماعات والمدارس والجامعات والكليات وكل هذه زادت الشعب معاناة فتحنا المجال للخارج بدون ضوابط للسفارات وكسب الولاءات للمنظمات الحقوقية التي توزعت ما بين الأحزاب وكذلك المنظمات التبشيرية تصول وتجول وتوزع الهبات خارج نطاق الدولة اليمن أصبحت ملعباً لمن يلعب ونحن نتفرج والعرف غيرناه والكفاءات جمدناها ووزعنا الصكوك والشهادات لمن تكون ومن المناضل ومن هو المجاهد ومن هو القبيلي ومن هو الناقص؟ ليس على أساس السلوك بل على أساس المهن والأعمال ومن يخدم الإنسان.
عندما أوجدنا كل تلك الفوارق زادت الأحقاد وظهرت العنصرية بين الفئات والأفراد وضاعت القيم وانتشر الإجرام وانعدمت وسائل الرقابة والحماية للإنسان والشعب في خطر من الصناعات وموادها الحافظة وطهي المأكولات في المطاعم جريمة، زيوتها حارقة في ظل قيادات على شكل المافيا للمواطن والتاجر والمستثمر بسبب سوء الاختيار واخترقت بذلك الأجهزة الاستخباراتية والأمنية والجيش والقضاء وشاعت الفوضى والخراب والدمار في البلاد قيادات اخترعت لنا واصلت في الوزارات والإدارات وفي السجون والحجوزات عند المراجعة والإفراج استغلال لمسميات مختلفة منها الرسامة والأجرة وحق القات وحق ابن هادي للمدير والقاضي وحق ما يوقع المدير ودفع بدل ما تطلع الإدارة وحق الختم وحق تقديم الملف وحق تقديم الجلسة على بقية الجلسات وحق التأخير والنطق بالحكم وحق حبس الغريم، قيادات جعلتنا في هم المواجهات ما بين الأحزاب والجماعات وهم العصيد والروتي والشاهي وهم الكسوة واللحمة من العيد للعيد وحرمت علينا الابتسامة وأكل الخضروات ووسائل الترفيهات وعدم قدرتنا على شراء الحلويات والمكسرات وليس لنا وجود معها إلا في المستشفيات والمحاكم والأقسام والنيابات وفي الجولات، هذا حالنا في ظل تلك القيادات.
أصلنا الكرامة لمن تكون لصاحب المال والشيخ والفاسد والناهب فقط وألغيناها عن الضعيف والمسكين والكادح وجعلنا مصيرنا بيد من ليس لهم أمانة أو ضمير فقدنا هوية الوطن واستبدلناها بهوية الحزب والقبيلة والمكان وهكذا تغيرت أحوالنا من سيء إلى أسوء من الحالقين والمدقنين والمعممين والمبنطلين، اللهم بصرنا بعيوب القيادات التي أخرتنا بأفكارها وتوجهاتها وارزقنا يا رب بالقيادات المخلصة التي تحب الشعب والوطن، اللهم آمين.
محمد أمين الكامل
بسبب تعدد الولاءات والقيادات تغيب القوانين والتشريعات (2) 1284