وصلنا اليوم لنقطة فيها من العشوائية الكثير وفيها غياب صارخ للمعاني الواضحة وصارت التموهات والأحجيات هي أبرز ما يميز كل الأطياف السياسية.
وصار العبث بمستقبل وطن هو الشيء الأكثر وضوحاً بينما المفاهيم الحقيقية لبناء الغد المنشود هي الرحى التي يدور في فلكها كل من يتصارعون على زبد الوهم والأمنيات الموءودة ..
الكل يتحدث عن اليمن الجديد وعن الغد المنشود والوطن الحلم بينما لا نزال نعيش كوابيس حقيقية نعيشها جهاراً نهاراً فيها أشكالاً مرعبة من التعصب للرأي و للأنا وللزناد والبندقية بحيث أضحت من أولويات الحياة اليومية للأسف فحينما يغيب الفكر الحقيقي والولاء الحقيقي للوطن تبرز كل القباحات.
العجيب فينا أن الكل ينادي بغدٍ مشرقٍ بينما نحن لم نجد إلا صباحاتنا التي تشرق شمسها شائخة ومساء غابت منه نجومه ولم يعد يسترعي اهتمامنا بعد أن اغتيلت كل أحلامه.
والكل يتحدث عن مدنية لكننا لم نفقه منها إلا كل معاني الرعب والعبث بإنسانية الإنسان وحقه بالعيش بأمان في وطنه.. لم نشهد منها إلا كل متأبط بالشرور ومبندق بالشراسة والعقول الهمجية بينما في المقابل ينادي بها وهو أبعد ما يكون منها وبعيدة هي منه كما باعد الله بين سماواته. ينادون بلحمة الوطن وفي المقابل يوغلون بالدسائس ويقتلون النفوس البريئة و يعبثون بتاريخه وحاضره ومستقبله, فكيف لفاقد الوطنية أن يتحدث عن الوطن الذي يغتاله بعبثه؟
لم نعد نشهد إلا عبثاً سياسياً يتلاعب بنا كموج بحر متخبط كلنا في صرعى ولم يظهر على السطح أي مشروع وطني حقيقي يلم شروخ النفوس اليمنية التي قتلتها الأحقاد السياسية بشراسة.
لم يظهر إلا موت للقيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية وامتهان لكرامة ودم الإنسان اليمني من أقصى اليمن لأقصاه وتمزيق لعرى الألفة والمودة وبروز شريعة الغاب التي ضاع فيها الكادح والمواطن الذي لا يحلم بسوى رغيف طازج استكثره عليه اللاعبون بجمر الأحقاد ولونوه بكل ألوان البشاعة.
بكل مرارة وألم نقول إن عبث الأحزاب السياسية اليوم يلغي كل شيء وكل مقومات الوطن لحساب أجنداتها المُضخمة بالمشاحنات والمكايدات والتهميش والإقصاء وإلغاء الآخر والانتقام من الخصوم كيفما كانت النتائج المأساوية, وكل هذا بالتأكيد لا ولن يبني وطن بقدر ما يهدمه لسنوات ولعقود قحط قادمات .
بوح الحرف::
إلى متى سنظل ننسج من خيطان صبرنا المُر أوكاراً للمآقي النائحة؟؟ إلى متى سيظل الوطن غريبًا بيننا يرتجي لحظة نجاة؟؟ ومتى نتحلل من موت يتربص بكل أحلامنا الذابلة؟ وإلى متى سيظل الحقد يغتال فينا كل بارق لأمنياتنا البائسة؟ دعونا نجد الوطن..
سمية الفقيه
العبث السياسي يغتال وطن 1668