ما فعله الرئيس المؤقت ــ الذي صار رئيس أمر واقع بعد انتهاء مدة رئاسته الانتقالية في فبراير الفائت ــ وشركاؤه في السلطة الانتقالية، هو النقيض تماماً لما كان مطلوباً منهم في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية:
ــ كان المطلوب إنجاز مهام محددة في المبادرة تتمثل في إنجاز عملية سياسية تسمح لليمنيين بانتخاب رئيس اعتيادي في نهاية المرحلة الانتقالية.
(تم الغدر باليمنيين من قبل سلطة المحاصصة التي مددت للرئيس المؤقت والبرلمان ومجلس الشورى والحكومة وهيئات السلطة المحلية).
ــ المطلوب إنهاء الانقسام في جسم السلطة (تعدُّد الرؤوس) وخصوصاً في المؤسستين العسكرية والأمنية وإنهاء المظاهر المسلحة في العاصمة والمدن الرئيسية.
(تكرس الانقسام في الجيش جراء اعتماد معايير غير مهنية في التعامل مع ضباط وأفراد هذه المؤسسة التي قيل إنها أُخضعت لعملية هيكلة بإشراف إقليمي ودولي. انتشر السلاح في العاصمة والمدن الرئيسية بصورة غير مسبوقة. يتجول المسلحون في شوارع العاصمة التي صارت الموئل الأول للميليشيات وعصابات الجريمة والاختطاف. ما عاد هناك أجنبي من أية جنسية بوسعه التنقل بأمان في العاصمة أو أية مدينة أخرى).
ــ كان المطلوب صون حقوق الإنسان والتحقيق في الجرائم التي وقعت في 2011 وراح ضحيتها مئات من الشباب الذين نزلوا إلى الساحات طلبا للمستقبل.
( يجدد مجلس الأمن الدولي دعوته الدورية إلى تشكيل لجنة تحقيق في الجرائم والانتهاكات. لم يَمثُل أي مشتبه به أمام أي لجنة تحقيق أو هيئة قضائية بل ظهر أغلب المشتبه بهم في قاعات موفنبيك وتبادلوا الابتسامات مع الممثلين المزعومين لشهداء الحراك الجنوبي والثورة الشبابية، وتوافقوا على آلاف النصوص التي جرى تكديسها في وثيقة خيالية اسمها "مخرجات الحوار الوطني").
ــ كان المطلوب إيجاد حلول للقضية الجنوبية.
(عمد الرئيس المؤقت المسنود من اللقاء المشترك والمجتمع الدولي إلى التسويف والمماطلة، وامتنع عن إصدار أية قرارات واتخاذ أية اجراءات تلبّي الحد الأدنى من التوقعات وتردم الفجوة بين مؤسسات وأجهزة الدولة وبين الشعب في الجنوب. ليس هذا فحسب، فالرئيس المؤقت وشركاؤه وهم في أغلبهم من الوجوه الرئيسية لجريمة حرب 94، فعلوا كل شيء من أجل إعادة تعيين "القضية الجنوبية"، لتكف عن كونها قضية نشأت عن ممارسات إقصائية وإجرامية وتنكيلية وتمييزية مُمنْهجة من قبل سلطة الحرب التي كانوا من رموزها، ضد كوادر الدولة الجنوبية السابقة وقطاعات واسعة من الشعب في الجنوب، تمهيداً لتصويرها على أنها قضية انقسام مجتمعي بين "شمال" و"جنوب" لا يلتقيان قط.. طبق هذا التعيين المتعسف للقضية الجنوبية صار الرئيس المؤقت الذي نزل للعب في الدوري الجنوبي ضد زعماء الحراك، زعيما لحراك جديد هو حراك 2013. وفي الأثناء دفعت سلطة صنعاء نحو تمزيق الحراك ذاته وفق اعتبارات مناطقية وقبلية.).
ــ كان المطلوب معالجة مشكلة صعدة.
(أخذ الرئيس المؤقت وجمال بن عمر وقادة المشترك مشكلة صعدة إلى آخر مكان يمكن أن تعالج فيها مشكلة صعدة، وهو فندق موفنبيك. خلال 10 أشهر انغمس المتحاورون الافتراضيون في مهمة التوافق على نصوص تتوسل حلولاً للمشكلة، بينما كانت الموازين تتغير بشكل متسارع على الأرض، والاستقطاب يستعر، والمشكلات تتوالد من رحم "مشكلة صعدة". لم يتنزّل من "كوكب موفنبيك" أي حل للمشكلة في صعدة بل يمكن اعتبار حروب دماج وعمران وأرحب وهمدان مخرجات فعلية (وليست اسمية) لمؤتمر الحوار الوطني.).
ــ كان المطلوب إصلاحات دستورية وسياسية وانتخابية تتوافر على التأييد الشعبي وتستوعب أماني اليمنيين في دولة مواطنة وسيادة قانون.
( تحايل الرئيس المؤقت وشركاؤه في صنعاء على المبادرة الخليجية، وبدلاً من إصلاحات في الدولة قرروا عن سبق إصرار تفكيك الدولة وتقسيم الشعب إلى شعوب وقبائل باسم الفدرالية وتقاسم السلطة والثروة. لم يسبق لسلطة مؤقتة أو اعتيادية في أي بلد أن اقترفت جريمة كهذه ضد شعبها.).
ــ كان المطلوب التزام معايير حكم القانون في إدارة المرحلة الانتقالية.
( لا تعليق!).
***
في اليمن سلطة مؤقتة مطالبة بمهام محددة تنجزها في فترة زمنية معينة سلفاً, لكن هذه السلطة انقلبت على الشعب وعلى الدستور وعلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وبدلاً من الوفاء بالمهام التي أوكلت إليها، اختطفت الدولة وخرقت الدستور وكل الوثائق والعهود، وتتعامل الآن مع الشعب بالطريقة ذاتها التي تتعامل بها أية عصابة تقطع أو خطف مع الضحايا. لا يوجد في اليمن سلطة حاكمة بل عصابة متحكمة تحظى برعاية إقليمية ودولية وتتنافس على السوق اليمنية (والمربعات الأمنية) مع عصابات محلية أخرى لا تدّعي الشرعية!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من صفحته على فيس بوك.
سامي غالب
سلطة حاكمة أم عصابة متحكّمة تبتز اليمنيين! 1378