المتابع للفترة التي سبقت الانتخابات البلدية التركية، بقراءة متأنية يضح له أمور هامة, أولها: الحملة الإعلامية الشرسة بقذارة التي قادها المرتزقة من الإعلاميين والعلمانيون الذين لا يظهرون دوماً إلا بحماية الدبابة وعساكرها، حتى لقد أحالت تلك الحملة الإعلامية النور ظلاماً والنهار في تركيا ليلاً وحزب العدالة التي يتعامل بواقعية مع الشعب التركي ويقود إصلاحاً شاملاً فساداً محضاً وخطراً حقيقياً، حملة قادها خونة الداخل العلماني الذين لا يستطيعون العيش بحرية واستقلال وإنما يعيشون بالعمالة والتبعية، وشن هؤلاء الخونة حملة مدفوعة الثمن لهم ممن يقيض مضاجعهم حرية الشعوب والعدالة المجتمعية، وظنوا أنهم مانعتهم أموالهم في شراء الذمم من تطلع الشعوب لحريتها، وحسبوا أن مرتزقة الإعلام وخونة الساسة في الشعوب من بني علمان ولبرال سيتمكنون من (أردغان) كما تمكنوا من مصر باختطاف الديمقراطية وممثلي الثورة بواسطة الجيش، وقد قاموا بمظاهرات قبل الانتخابات في اسطنبول وغيرها، ونشروا غسيلهم في الاتهامات المختلفة بالفساد لقادة حزب العدالة، ولكن الشعب التركي قلب الطاولة على التضليل ومموليه وعلى الخونة الذين قادوا تركيا إلى الهاوية خلال حكمهم منذ قضى جنرالاتهم العسكرية بقيادة أبو العلمانية أتاتورك على وحدة المسلين تحت خليفة واحد، وحقق فيهم قول الله تعالى في المنفقين على الحملة الإعلامية ضد تركيا (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون) والثاني: بيان حقيقة وهي أن الشعوب حين يترك لها حرية الاختيار وديمقراطية الانتخاب تعرف ما ينفع الناس والجفاء المضر، وتعي واجبها وتدرك مصلحتها وأنه بالتزوير والبندقية والدبابة تفقد كل خير، والشعب التركي أردك حقيقة استقراه السياسي ونموه الاقتصادي وتقدم الصناعي في فترك حكم العدالة التنمية، الذي جعل تركيا تصعد إلى مصاف الدول المتحررة اقتصاديا وسياسياً ومتحررة من الظلم والاستبداد والفساد، ولهذا فزع مدمرو اقتصاد الشعوب والمستبدون فعملوا بكل قوة ليعيدوا الشعب التركي إلى حكم العسكر المستبد، وحكم العلمان المرتبط بالخارج، فانهارت عليهم خطتهم، وأنقذ الشعب التركي نفسه وفضل العدالة على غيرهم.
وثالثاً: ندرك من هذه العملية أن قوة رباعية في عالمنا الإسلامي عامة والعربي خاصة تفضل البقاء جاثمة على صدر الشعوب بالقهر والاستبداد والتضليل ونشر الفقر والجهل والمرض حتى تضل الشعوب في فقرها وتخلفها رغم إمكانياتها هذا الرباعي يتمثل في زيف الإعلام التبعي المرتزق والخائن لشعوبه (ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمن) هذه القوة التي تنشر الكذب بهدف تضليل الشعوب هي أخطر تلك القوى الغاشمة، كقوة مضللة، ورجال المال والأعمال كقوة مستغلة ومستأثرة تمص عرق الفقراء ودماء المحتاجين، ولا تسمح لأحد بمنافستها، ولهذا تبذل مئات الملايين لإزالة من يقف في طريقها بقصد الإصلاح الاقتصادي وتحجيم فساد المسيطرين على مقدرات الشعب الإنتاجية، والثالث فسدة القادة العسكريين بالتحالف مع نخب بني علمان واللبراليين الذين ينفذون خطة لبقاء العالم الإسلامي تحت رحمة العالم الغربي فتبقى شعوبنا مستهلكة لا منتجة، ومتخلفة عن الركب في كل ميادينها واليوم في تركيا فرغ ثلاثمائة ألف عالم للبحوث العلمية في مجال التصنيع للحياة بكل جهاتها، والرابع: بقايا المستبدين الذين يخافون أن تنكشف البراقع عن وجوههم، فيظهرهم عجائز مثل السحالي خمساً، لم يبق الله لهن ضرساً، ولم يعشن الدهر إلا تعسا، فتستغني عنها شعوبها لكونهم قواعد من البشر يسطون على منتجات الشعوب لصالحهم خاصة.
ورابعاً: نتعلم ضرورة الوعي الشعبي وأهمية نزول المصلحين إلى الشوارع بين الشعوب يعلمون شعوبهم ويبينون للناس حقوقهم وأهمية الدفاع عنها، فحزب العدالة و التنمية صنع العقول وأقام المؤسسات وأنقذ الاقتصاد من الانهيار، في عام 1415هـ سافرت إلى تركيا للبحث عن مخطوطات تتعلق ببحثي مع زميل لي دخلنا مطعماً مشهوراً في اسطنبول وطلبنا غداءنا مما تهواه نفوسنا وعند مرورنا على المحاسب طلب منا ستة ملايين ليرة قيمة الغداء، مما جعلنا نصاب بالدوار والخوف من هذه الرقم الجنوني، وعندما سألناه عما يعادلها بالدولار كسرها لها ب25 دولار فعادت لنا أروحنا التي بلغت الحلقوم، وتبين لنا الهبوط الاقتصادي في ظل حكم حزب المؤتمر أعني حزب الشعب التركي الذي أسسه حكم العسكر ليضحك به على الديمقراطية، ومن هنا يجب على شعوبنا الوعي وقراءة الانهيار الذي لحق بالشعب التركي أثناء سلطة العسكر والإعلام الزائف الذي يضلل الشعوب لبقاء سلطة تعمل على دمار التنمية وتقف حجرة عثرة أمام تقدمها ورقيها حتى لانخدع بهذه السلطات ونتعاون جميعاً لمنع العسكر والإعلام ورؤوس الأموال ورجاله من إلقاء شعوبنا في مهب الريح والله غالب على أمره.
د. عبد الله بجاش الحميري
قراءة في الانتخابات التركية 1085