الكل يشكو سوء الحال، وتعقٌّد الحياة، وصعوبة العيش في ظل ظروف متأزمة تشهدها اليمن منذ انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كان اليمنيون يأملون في انتهائه الخير الكثير، بل وعلّقوا عليه الكثير والكثير من الآمال والتوقُّعات التي ستخرجهم من نفق الفقر والدكتاتورية، إلى أفق أوسع تكفل لكل مواطن حقه من المواطنة المتساوية، والعيش الكريم.
ولكن ما حدث منذ انتهاء مؤتمر الحوار والأيام التي تلته كان مُحبِطاً لكل تلك الآمال والتوقعات، فلم يرَ المواطن اليمني إلا الموت والقتل ينتشر في كل مدينة.
فنجد موجة الاغتيالات التي استهدفت خيرة أبناء اليمن من المدنيين والعسكريين، والتي كان للعسكريين النصيب الأوفر منها.
تصاعدت أعمال العنف تجاه منتسبي القوات المسلحة والأمن، وفي أكثر من محافظة وخاصة في المحافظات الجنوبية.
فلا يكاد يخلو يوم من مقتل ضابطٍ أو جندي أو على الأقل اختطافهم، هستيريا القتل هذه نشطت منذ الأيام الأخيرة لانتهاء مؤتمر الحوار، لا نعرف لماذا؟ ومن المسؤول عنها؟ ولمصلحة من؟ فتارة يتم اتّهام القاعدة وتارة يقال الحراك المسلح، وأحيانا أخرى يُتهم النظام السابق بالتعاون مع بعض القوى الأخرى.
تصاعدت تلك الأعمال الإجرامية تجاه منتسبي الجيش والأمن وسقط خلالها العديد من الجنود والضباط والتي كان آخرها استهداف جنود القوات الخاصة في نقطة أمنية في محافظة حضرموت، واستهداف جنود في محافظة أبين وغيرها، هناك العديد من الأطراف المعروفة التي لها مصلحة في تنفيذ هكذا جرائم، والتي بات يُعرف مؤخراً تحالفها الواضح والجلي، بعد أن كانت تدب العداوة بينها ، أصبحت بفعل اتفاق الأهداف تمثل تحالفاً صب جُل غضبه على منتسبي الجيش والأمن.
إن ممّا يدعو إلى التساؤل ويثير الكثير من علامات الاستفهام المحيّرة التي لا يرى لها العقل جواباً، صمت الدولة تجاه كل هذه الاعتداءات البشعة والمتكررة على منتسبي الجيش والأمن؟ ولماذا هذا الموقف المتخاذل من قيادة وزارة الدفاع، وحكومة الوفاق؟ لماذا هذا التساهل الرسمي تجاه كل من يستهدف قوات الجيش والأمن وكأن شيئا لم يحدث؟.
حكومة الوفاق كما يقول سياسيون وحقوقيون إنها مجردة من صلاحياتها، وأنها بمعزلٍ عن الملف الأمني والعسكري لدرجة أنها لا تعرف حتى نتائج التحقيقات التي تُجرى في محاولة الوصول إلى مرتكبي هذه الجرائم القذرة، وهذا - إن صدق - شيء مضحك وهزلي، ويجعل وزراء الوفاق مجرد دُمى آلة تحريكها بيد الرئيس هادي ووزير الدفاع.
أما الرئيس هادي ووزير الدفاع فلا نعلم سر صمتهما تجاه كل هذه الدماء التي تُسفَك في حق قوات الجيش والأمن، والكثير من القضايا الأمنية الأخرى التي تنذر بكارثة إذا ما تم السكوت عنها إلى أن يقع الفأس في الرأس.
هناك من يقول إن الرئيس يحتكر الملف الأمني والعسكري ولا يُطلع الحكومة عليه، وهذا هو السبب الذي جعل الحكومة اليمنية ينطبق عليها المثل المعروف: أطرش في الزفة، فهي آخر من يعرف بكل ما يتعلق بالجانب العسكري والأمني، ولذلك تكتفي فقط بتلاوة الفاتحة على أرواح الشهداء والدعاء للجرحى بالشفاء، وهذا أمر مؤسف.
رأفت الموفق
صمت وموت...!! 1021