اتفقنا أم اختلفنا على أداء الجيش الذي ساند الثورة وشخص اللواء/ علي محسن الرجل الذي قاد هذا الجيش متعهداً بحمايتها مع بعض رفاقه القادة العسكريين ، تبقى المواقف المشرفة والشاهدة على المعدن الأصيل لهذا الجيش المغوار ورجله الأول اللواء/ علي محسن الذي كان لانضمامه مع فرقته وبعض رفاقه من القادة وتكوين جيش حماة الثورة بالغ الأثر في استقرار خط السير للثورة اليمنية السلمية التي حاول البعض بقوة السلاح وأدها في رحمها، ودفنها في أرضها حتى لا تقوم لها قائمة مرة أخرى، لكن الله خيب ظنهم، وفرق سهامهم .
اليوم وقد تحقق لهذه الثورة قدر من مطالبها، أهمها تنحية رأس السلطة عن الحكم وإن كان مازال يطل برأسه، كان لشباب الثورة قولهم في هذا الجيش وقادته العسكريين الذين انحازوا لأبنائهم الثوار..
في هذا السياق ما زلت أذكر موقفاً لأحد الضباط ممن كان على رأس عمله وقت اشتداد القتل على الثوار لثنيهم عن ثورتهم، كان هذا الضابط ما زالت في قلبه بقية من قيم، وتدور في داخله كثير من الأسئلة العفوية التي لم يجد بعد إجابة لها، عاد إلى بيته في أحد الأيام ليفاجأ بعدم وجود بناته الصغار الثلاث ليسأل أمهنَّ عن سبب غيابهنَّ فأجابت إنهنَّ في إحدى فعاليات ساحة التغيير في صنعاء، لتشتد حمى الأسئلة التي تدور في ذهنه، وعند عودتهن قام هذا الضابط بسؤالهن عن سبب غيابهنَّ ليجبنَّه والدموع تنهال من أعينهن ليقلن لأبيهن "يا بابا لقد كنا اليوم نزور جرحى الثورة الذين قتلهم النظام وهم سلميون لم يكونوا يحملون سوى الورود التي قدموها للعسكر لكنهم واجهوهم بالرصاص فأيش ذنبهم يابابا"..
دهش الأب، وتسمر في مكانه ليجد إجابة واضحة عن الأسئلة التي كانت وما زالت ترن في أذنه ليعلن بعدها انضمامه للجيش المساند لهذه الثورة هامساً لنفسه حتى بناتي عرفن الحق وأنا ما زلت أسأل نفسي أين موقعي الذي يجب من هذه الثورة، هذا الموقف وإن بدا بسيطاً إلا أنه يحاكي قصة انضمام الجيش المساند للثورة وتعهده بحمايتها ورأفة الكرام الذين لم يستطيعوا مشاهدة تلك الفظائع التي ارتكبت في حق الشباب .
بهذه المناسبة التي تمر علينا لانضمام الجيش المساند للثورة لا أجد بداً من رفع قبعات التقدير والاحترام لهذا الجيش الذي ساند الثورة وقام بحمايتها له منا كل الشكر والتقدير وثورتنا لن تستطيع أن توفيه حقه من ذلك، لأنه وقف ضد الاستبداد وكان يعي حقيقة وقفته هذه التي ستكلفه ثمنا غاليا ليس أقلها اغتيال قادته، والتربص بأفراده، وقد كان ذلك فكم قتل من هذا الجيش وهو مقبلاً غير مدبر في الصفوف الأولى من ميادين الشرف والبطولة أيام الثورة التي احتمت بهم، فكان بصدق درعاً واقياً لها، هيأ لها لكثير من المناخات التي لم يكن سيسمح بها لولا هذا الجيش الذي كان يقوده رجل عند المستوى وعلى قدر المسؤولية فقدم وعده لهذه الثورة التي تعهد بحمايتها مع إخوانه القادة العسكريين كالقشيبي وغيره..
إن من بركات الثورة أن هيأ الله لها ذلك الانشقاق الذي قام به اللواء علي محسن وفرقته الأولى مدرع، لأن أحداث اليوم تعزز مثل هذا الكلام، ففي سوريا لأن الانشقاقات فردية فقد تناثر قدرها وعقدها وقيمتها بخلاف ما لو كانت الانشقاقات جماعية وبأعداد الفرق والألوية والمناطق فإن مثل هذه الانشقاقات ستثمر وسيكون لها كثير من النتائج الإيجابية التي ستؤتي ثمارها كنتائج طبيعية لانشقاق الرؤوس، ويدرك النظام السوري حجم الخسائر الفادحة التي كان سيمثلها انشقاق المناطق العسكرية لذلك أخذ درساً من الثورة اليمنية التي بفضل الله وجيشها المساند حققت كثيراً من نجاحاتها..
إن من كان ثائراً حقيقياً كنوع من العدل والإنصاف يجب ألا ينسى الدور الريادي والبطولي الذي اضطلع به الجيش المساند للثورة الذي تعهد بحمايتها، وينبغي في أوقات المناسبات التي تحل علينا بهذه الذكرى أن نتذكر بعقولنا وأفئدتنا ووجدانا هذا الجيش ورأسه علي محسن الذي قطع الطريق أمام الفوضى والعبث الذي كان سيدخل بها البلاد النظام السابق ورأسه "الناشف" الذي أجبر على التنحي غصباً عنه عندما أحرقت جميع كروته بفضل الله والتصعيد الثوري والحماية التي رتبت لهذا التصعيد من قبل الجيش المساند لها، وأسال سؤلاً -هل كان علي عبد الله صالح سيوقف مجازره بحق الثورة والثوار لو لم يكن علي محسن وفرقته الأولى مدرع سينظمان للثورة متعهدين بحمايتها؟!، هل علي صالح كان سيقصر يده لو لم يقيض الله لها من يشلها؟، ألم يكن ينوي على صالح عبر تخطيطه وتدبيره باستخدام كل صعب وذلول من الأسلحة للإبقاء على حالة البلاد في ضل حكمه؟، أسئلة وغيرها نطرحها للمنصفين للإجابة عليها وبالتالي نتركهم يقررون مدى الدور الذي اضطلع به الجيش المساند للثورة والمتعهد بحمايتها، أما المشككون بدوره فلا مكان لهم بيننا لأننا نحن من تضررنا وقتلنا وأثخنت الجراح فينا، ونحن الذين تألمنا من التوغل في دمائنا وأجسادنا، لذلك عندما أعلن هذا الجيش حمايته لثورتنا كأننا يومها قد ولدنا ثورياً من جديد وهذا يشعر به من كان يعيش الإحباط جراء القتل الذي كان يمارس ضد الثوار.
ودعوني أغوص قليلاً في هذه الأسئلة فأقول، من يستطيع أن ينكر أن النظام السابق ومن أجل البقاء في الحكم كان مستعداً لتسوية الساحات مع الأرض لو تهيأت له الظروف؟، ألم يكن النظام سيصنع ما يصنعه بشار بشعبه لو كان استطاع ذلك؟، نقول للذين ما زالوا يزايدون على هذا الجيش أنه لم يعد ينطلي على شعبنا الذي فجر هذه الثورة المباركة ما يقال عن هذا الجيش وقادته الأفذاذ الذين تحملوا بمسئولية وحكمة رائعة ما أنيط بهم أخلاقياً من حماية هذه الثورة تقويماً لها واستقامة لأمر هذا الشعب..
وإن يكن قد قام أمر الهيكلة وتوزع الجيش المساند لهذه الثورة فإن الشعب سيظل وفياً له يوم وقف مع هذه الثورة المباركة التي وجدت من يحميها في وقت كانت الدماء ستسيل إلى الركب لو لم يعجل انضمامه لها واستعداده حمايتها..
حتى على مستوى الحارات كيف كان سيكون الحال لو لم يتصدَ الجيش المساند للثورة لحماية الحارات والأحياء كيف كان سيصنع هؤلاء القتلة، أكيد كانوا سيدخلون الحارات وسيعيثون فيها فساداً وساحة الحرية شاهدة على عبث المجرمين وتحرش الساقطين الذين أبوا إلا أن يكونوا يداً للشر، ومن هنا تأتي الأهمية التي مثلها واكتسبها الجيش الذي ناصر ثورتنا، وطيب بموقفه ذلك قلوبنا وأقر عين ثورتنا، وأراحنا من عنجهية من غرس السهام في قلوبنا، وأوغل بنادقه في دمائنا فهذا الجيش له منا كل التحية والتقدير ولقائده نقول أن بأمثالك وإخوانك تبقى الشعوب عصية على الكسر، لذلك نقول له بهذه المناسبة سلام الله عليك يا جيشنا الذي ساندتنا.
مروان المخلافي
جيش الثورة..سلام الله عليك 1287