هل يعقل أن يُختطَف قاضي محكمة من داخل المحكمة ومِن على منصة القضاء في أي بلد كان ؟!.
لاحظوا, نحن لا نتحدث عن الكذب على قاضٍ , ولا عن الصراخ في وجه قاضٍ , ولا عن التلفظ على قاضٍ , ولا عن تهديد قاضٍ , ولا عن التعرض بسوء لقاضٍ , وإنما نتحدث عن اختطاف قاضٍ. ولاحظوا أيضاً نحن لا نتحدث عن اختطافه من الطريق , ولا نتحدث عن اختطافه من مكان عام غير مؤمّن , ولا نتحدث عن اختطافه من مكان عام مؤمن وذي خصوصية وحُرمة , نحن نتحدث عن اختطاف قاضٍ مِن على منصة القضاء ومن داخل قاعة المحاكمة ومن داخل مبنى المحكمة.
نحن يا سادة لا نتحدث عن جريمة وإنما نتحدث عن كبيرة من الكبائر . ونحن يا كِرام لا نتحدث عن افتراض أو أمر يمثّل أسوأ الخيال أو شيء بعيد التصوّر وإنما نتحدث عن حدث تم بالفعل وحصل على الواقع.
نعم ! هنا في اليمن اُختُطِف قاضٍ من على منصة القضاء , من داخل قاعة الجلسات , من داخل مبنى المحكمة . عملٌ قبيح بكل المقاييس لا شك , ولكن الأقبح منه أو الاقبح على الإطلاق هي تداعياته وردود الافعال عليه.
هي الأقبح ليس لأن رئيس الحكومة لم " يطير فيها " , أو لأن وزير الداخلية لم يُقَل على خلفيتها , أو لأن وزير العدل لم يستقل احتجاجاً عليها ,أو .. أو .. أو .. , وإنما لأنه لم يصدر تجاه حادث جلل كهذا لا نصف ولا رُبع ولا عُشر ما يجب من " دولة " أو من " حكومة " أو حتى مِن " مجتمع " بكل مكوناته المختلفة.
دعونا نعترف بأننا نعيش في حال يفتقر لأقل القليل من اعتبارات الدول والحكومات والمجتمعات. نحن نعيش في مهزلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى , والأمر لا يحتمل الحديث عن أهمية القضاء , وحُرمة القضاء , وقُدسية القضاء , وضرورة القضاء , فنحن بالفعل في حال تحتاج لحديث هو قبل ذلك بكثير كثير, نحن نحتاج لحديث عن إنسانيتنا و عن آدميتنا.
لن أضيف شيئا فقط سأضع أمام عين عناية الجميع حوادث تعرّضت لها السلطة القضائية , ولكم أن تتلمسوا أي تردٍ وصلناه وأي دولة وحكومة تحكمنا وتدير شؤوننا وأي مجتمع أصبحنا.
اختطاف القاضي محمد السروري رئيس المحكمة الجزائية بمحافظة حجة من على منصته من قبل شيخ قبلي يتحفظ عليه حتى الآن.
محاصرة السجن المركزي بحجة ومحاولة اقتحامه و اختطاف سُجناء.
اختطاف رئيس النيابة العسكرية بمديرية التواهي بمحافظة عدن من قبل قائد المنطقة الرابعة والشروع في قتله.
نهب سيارة عضو شعبة استئناف الأمانة القاضي عبدالوهاب السادة في محافظة ذمار .
محاصرة مبنى النيابة في محافظة ذمار.
هجوم مسلحين على محكمة يريم بمحافظة إب و تهريب سجين منها.
اعتداء على القاضي عبدالوهاب الشيباني رئيس نيابة الاموال العامة بمحافظة إب وإشهار السلاح عليه من قبل جنود بوابة النيابة.
اعتداء على القاضي عبدالواسع الحناني عضو نيابة استئناف الحديدة من قبل مجهولين على متن دراجة نارية وسرقة كيس بداخله ثلاثة ملفات جنائية وهو متوجه الى عمله.
كل ما سبق حوادث حدثت في ( يومين ) , وأقول في ( يومين ) , وليس في عقدين ولا في قرنين.
يومين من عهد ( فخامة رئيس الجمهورية ) هادي , و عهد حكومة ( دولة رئيس الوزراء ) الأستاذ باسندوة , وعهد( معالي وزير العدل ) القاضي العرشاني , وعهد ( دولة معالي وزير الداخلية ) اللواء الترب , وعهد ( مجلس نواب ) برئاسة دولة الاستاذ الراعي , وعهد ( مجلس شورى ) برئاسة دولة الاستاذ عثمان , وعهد ( منظمات و أحزاب و كيانات سياسية ومجتمعية مختلفة ) , وعهد ( مجتمع ) هو نحن جميعاً.
اليمن يا أبناء اليمن لم يكلف أحدٌ فيه نفسه أن يّدين اختطاف قاضٍ مِن على منصة القضاء, فضلاً عن دون ذلك من الحوادث التي تعرضت لها السلطة القضائية , وفضلاً عن غير الإدانة. فأي تبلُّد هذا ؟! .
عبدالوهاب الشرفي
السلطة القضائية..وتبلُّد غريب؟!!! 1429