في الأحداث الأخيرة التي مر بها اليمن تحدثنا وطالبنا بكل أنواع الثورات وضرورة وجودها في واقع المتغيرات الذي أصبحنا نعيشه سواء ثورة اقتصادية أو ثورة تكنولوجية أو ثورة مؤسسات أو ثورة ضد الفساد لكننا تناسينا أو ربما تغافلنا ولم نتحدث أو نطالب بضرورة أن تكون لدينا ثورة عليمة بكل معنى الحرف يقودها الحرف والقلم والكتاب والكلمات والعقول البصيرة...
نستطيع أن نؤكد أن كل ما نحن عليه من بلاء وويلات هو لأننا لم نجعل للتعليم أولية أساسية في واقعنا وأهملنا المؤسسة التعليمية بشكل ملفت ومرعب وجعلنا العقول الجاهلة تتسيد على كل مفاصل الوطن.. كل ما وصلنا له من تشتت وعشوائية وعدم انضباط سببه الوحيد أن العالم والمتعلم كان ومازال ينظر لهما من منظور التجاهل والازدراء مقابل منظور مادي بحت لشخصيات جاهلة لم يرفعها سوى ثرواتها وأرصدتها البنكية مقابل إفلاسها العقلي والفكري وبالتالي ولهذا السبب صرنا في مقدمة الدول الفاشلة في كل شيء وأوصلنا إلى ما نعانيه اليوم من تخبط وحالة مزرية يرثى لها.
إن كنا نريد فعلاً أن نبني يمناً آخراً ومغايراً غير يمن المشايخ المفخخ بالألغام و الجهالة,, علينا بالتعليم أولاً وثانياً وعاشراً ومليوناً... علينا أن نؤسس قاعدة علمية متينة قادرة على الخلق والعطاء والإبداع والتنافس الشريف وقادرة على صناعة العقل البشري الفعال والأقدر على البناء والتحديث والرفعة والترفع عن الصغائر و يسحبنا إلى الخلف والانحدار لما قبل زمن الكهوف.. علينا أن نراهن على عقول بشرية تدرك أن التغيير ليس مجرد ثرثرات زائفة أو شعارات تخلو من دسم المصداقية أو كلمة في مقال مهترئ إنما التغيير اعتناق وقناعة واقتناع وفعل ورغبة حقيقية في إحداث ثورة نجاح وعلم وتعديل يبدأ من الذات ولا ينتهي عند مدى معين بل يستمر بالعلم والتعليم وليس سواهما خياراً وبديلاً..
لابد أن نعترف أننا جميعاً مشتركون جميعاً في تدهور التعليم بشكل كبير في واقعنا الراهن لأننا وللأسف الشديد مازال لدينا قصور كبير في الوعي بأهمية العلم كمنهج لحياة وفكر ارقى وبه تُبنى وتُهدم اُمم ..ومازال لدينا مجرد واجب من أجل الحصول على الوظيفة فقط ولم يرتقِ بعد لمعاني أعظم من ذلك وبالتالي يتوجب رفع منسوب التوعية الضحل لدى كل شرائح مجتمعنا اليمني وتعزيز معنى التعليم الحقيقي وليس المعنى السطحي الذي أودى بنا للخلف آلاف الخطوات.
لنرتقي بالتعليم أكثر وبحلول سريعة لمعالجته حتى يصبح وطننا كبيراً بعقول واعية وأكثر قدرة واقتدار على السمو لمراتب النماء لا أن نظل في الحضيض.. لنلغي من قواميسنا المهترئة فن النواح والذي يمجده الكثيرين ويمجدون مبدأ العجز واليد المغلولة ولننتقل لمرحلة إيجاد الحلول والكفر بالشكوى وإلقاء اللوم على الغير لتبرئة أنفسنا ونحن نعلم جيداً أننا جميعنا مذنبون في حق تعليم لم يبق منه إلا اسمه أما رسمه فقد صار مشوهاً حد الرعب والتجهيل المفرط..
إن كنا حقاً نريد خيراً ومستقبلاً منيراً لليمن ,, وإن كنا نريد أن نبنيه بأسس صحيحة وسليمة,, لابد وأن نجعل المرحلة الراهنة وكل المراحل القادمة ثورة علم بالدرجة الأولى لنخلده في عيون الأجيال القادمة ونكتب في سطور التاريخ أننا بناة حضارة علمية حقيقية ووطن يسمو فوق هامات التجهيل والهمجية,, وطن للجميع.
سمية الفقيه
لماذا لا تكون ثورة عِلمية؟ 1244