نشرت صحيفة أخبار اليوم في عددها (3322) الصادر يوم الأحد 16/3/2014م مقالاً للكاتب الكبير والأخ العزيز محمد علي محسن بعنوان: ما لله وما لقيصر.
والأخ محمد من الكُتاب الكبار الذين تنشر لهم صحيفة أخبار اليوم الذائعة الصيت وواسعة الانتشار في أرجاء اليمن وغيرها من الصحف, وأنا شخصياً من المعجبين بالأخ محمد وكتاباته المتميزة بل إن العديد من مقالاته لا تزال محفوظة لدي من إصدارات سابقة للصحيفة وغيرها وفي أوقات مختلفة.
غير أن هذا المقال أثار فيه الكاتب بعض التساؤلات التي تبحث عن إجابة ولكوني متابعاً لمقالاته أحببت أن أجيب على بعض التساؤلات التي تضمنها المقال راجياً من الأخ العزيز مراجعة الرد وإبداء الرأي والله الموفق والمعين.
أولا: من المتفق عليه مع الأخ محمد أن التقدم الصناعي لروسيا ليس وراءه الإلحاد كما أن التقدم الغربي ليس سببه التحلل والتفسُّخ. وعليه فإن التخلًّف السياسي والصناعي والتعليمي وغيره الذي تشقى به بلداننا ليس بسبب إيماننا بإله خالق قادر مدبّر لهذا الكون ومن فيه.
ثانيا: إذا كانت أوروبا قد أحرزت تقدمها بعد تمردها على رجال الكنيسة الذين حجروا على العقل ممارسة التفكير والإبداع ووقوفهم ضد العلم والاختراع, فنحن لم نجد ولم نسمع ولم نقرأ لعالم من علماء الإسلام من ينسب للإسلام مثل هذا الزعم والمقارنة بين الديانتين فيه ظلم وإجحاف.
ثالثا : إذا استدل عالمٌ من العلماء أو داعيةٌ من الدعاة بنص معيّن على جواز أمر أو حُرمته, فلا يعني ذلك أبداً أنه قد نزع عن نفسه الصفة الطبيعية وصار نبياً يوحَى إليه, لا هو يزعم ذلك ولا نحن نحسبه كذلك, وإنما نقول هذا فهم فلان للنص الفلاني وهذا تفسيره له, فإن وافقه في رأيه جمهور العلماء ومؤسسات الفتوى المعتبرة قبلناه, وإن لم, فنقول: هذا فهمه وله رأيه وليس له أن يفرض رأيه وفهمه على من خالفه, وعلى هذا الأساس نفهم موقف كلٍ من الداعية عمرو خالد والمقرئ العفاسي والشيخ القرضاوي الذين سمّاهم الأخ محمد في المقال المشار إليه.
رابعا: ينبغي ألاّ نضيق من فتوى غريبة أو رأي شاذ لعالم من العلماء أو واعظ من الوعاظ ولا نقابلها بتحسُّس زائد, فكما نطالب بحرية الرأي والتفكير للإعلامي والسياسي وغيرهما من فئات الشعب, نطلبها أيضاً للعالم الذي له نظرته في الفقه ونصوص الوحيين بل ونحميها, فلا نحرم العالم حرية الرأي والقول فقط لأنه عالم بالدين ونطالب بها لغيره بل علينا تشجيع الحرية في القول للجميع ما دام الكل يعرض أفكاره ورؤاه عن طريق الحوار والدعوة بالتي هي أحسن, بعيداً عن العنف واستخدام القوة لفرض آرائه وأفكاره.
خامسا: ماذا نسمي ممانعة من سمّاهم الأخ محمد أشياخ الفقه للديمقراطية والدسترة والانتخابات والحقوق والحريات... أقول لا ضير سميها آراء شاذة ناتجة عن فهم خاطئ لنص أو آخر ولهم تفسيراتهم ما لم يلجؤوا إلى العنف.
سادسا: أخي محمد هؤلاء الذين ضقت بأفكارهم ذرعاً وحُق لك ذلك كم عددهم على مستوى بلادنا اليمن مثلا.؟ أليسوا يعدون بالأصابع وأن فتاواهم ليست محل اعتبار عند جمهور العلماء.؟ ثم من الذي يعتد بفتاواهم من عامة الشعب وخاصته .؟ ألم يخرج ملايين الناس إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بآرائهم واختيار من يمثلهم.؟!! ألم تخرج الملايين من الرجال والنساء في ثورة شعبية لم يسبق لها مثيل مطالبةً بالتغيير غير عابئة ولا ملتفتة لأي فتوى تحجر عليها ممارسة حقها المشروع.؟!
أخيراً : أحيطك علماً أخي محمد: بما أنت أدرى به أن الممانعين ليسوا أشياخ فقه البتة كما سميتهم, وهناك فرق كبير بين واعظ وفقيه, بل حتى بين عالم وفقيه.
والأهم من هذا كله: علينا جميعا أن نفهم وأن نعي جيداً أن الممانعين للديمقراطية وأخواتها وبناتها ليسوا هم العائق أمام تحضُّرنا وتقدم بلداننا, ليسوا هم السبب في تخلفنا البتة, وإنما العائق الحقيقي والكبير والأكبر هو الاستبداد السياسي الذي جثم على صدورنا واستخدم المال والقوة لمحاصرة أفكارنا والحجر على حرياتنا وإلباس ممارساته لباس الدين متكئا على مثل تلك الفتاوى وممجداً لأمثال أولئك المفتين. وتقبل فائق تحياتي.
محمد الحاتمي
رداً على..(ما لله وما لقيصر) 1098